بني أبنائه منزلة بنيه وأنه لم يفرقهم عنده، ثم شبه بنيه بهم، وهذا قول طائفة من أهل المعاني.
وظاهر البيت أن الشاعر لم يرد ذلك وإنما أراد التفريق بين بني بنيه وبين بني بناته، فأخبر أن بني بناته تتبع لآبائهم ليسوا بأبناء لنا، وإنما أبناؤنا بني أبنائنا لا بنو بناتنا ولم يرد تشبيه بني بنيه ببنيه ولا عكسه، وإنما أراد ما ذكرنا من المعنى، وهذا ظاهر.
وقالت طائفة، النبي صلى الله عليه وسلم له من الصلاة الخاصة التي لا تساويها صلاة من لم يشركه فيها أحد، والمسؤول له إنما هو صلاة زائدة على ما أعطيته مضافا إليه، [وتكون تلك] (1) الزائدة [مشبهة] (2) بالصلاة على إبراهيم، وليس بمستنكر أن يسأل للفاضل فضيلة أعطيها المفضول منضما إلى ما اختص به من هو من الفضل الذي لم يحصل لغيره.
قالوا: ومثال ذلك أن يعطي السلطان رجلا مالا عظيما، ويعطي غيره دون ذلك فيسأل السلطان أن يعطي صاحب المال الكثير مثل ما أعطي صاحب من هو دونه لينضم إلى ما أعطيه فيحصل له مثل مجموع العطائين أكثر ما يحصل له من الكثير وحده، وهذا جواب ضعيف، لأن الله سبحانه وتعالى أخبر أنه وملائكته يصلون عليه، ثم أمر بالصلاة عليه، ولا ريب أن المطلوب من الله سبحانه وتعالى هو الصلاة المخبر به لا ما هو دونها، وهو أكمل الصلاة عليه وأرجحها لا الصلاة المرجوحة المفضولة، وعلى قول هؤلاء إنما يكون الطلب لصلاة مرجوحة لا راجحة، وإنما يصير راجحة بانضمامها إلى صلاة لم تطلب، ولا ريب في فساد ذلك، فإن الصلاة التي تطلبها الأمة له صلى الله عليه وسلم من ربه تعالى هي أجل صلاة وأفضلها.
وقالت طائفة، التشبيه المذكور إنما هو في أصل الصلاة لا في قدرها ولا كيفيتها، إنما هو راجع إلى الهبة لا إلى قدرها كما تقول للرجل: أحسن إلى أبيك كما أحسنت إلى فلان، وأنت لا تريد بذلك قدر الإحسان وإنما تريد به أصل الإحسان.