الزهري، معتجرا بعمامة من استبرق، على بغلة عليها رحالة، عليها قطيفة من ديباج، فقال:
أو قد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال جبريل: ما وضعت الملائكة السلاح بعد، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، إن الله يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة، فأني عامد إليهم فمزلزل بهم. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا فأذن في الناس: من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة. قال ابن هشام: واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم.
وقال البخاري: حدثني عبد الله بن أبي شيبة، حدثنا ابن نمير، عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق ووضع السلاح واغتسل أتاه جبريل فقال: قد وضعت السلاح والله ما وضعناه! فاخرج إليهم، قال: فإلى أين؟ قال هاهنا، وأشار إلى بني قريظة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم (1). وقال أحمد: وحدثنا حسن، حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من الأحزاب دخل المغتسل ليغتسل وجاء جبريل فرأيته من خلل البيت قد عصب رأسه الغبار، فقال: يا محمد أوضعتم أسلحتكم؟
فقال: وضعنا أسلحتنا فقال: إنا لم نضع أسلحتنا بعد انهد إلى بني قريظة. ثم قال البخاري:
حدثنا موسى [بن إسماعيل] حدثنا جرير بن حازم، عن حميد بن هلال، عن أنس بن مالك قال: كأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم موكب جبريل حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة (2). ثم قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة " فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي العصر حتى تأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم (3). وهكذا رواه مسلم عن عبد الله بن محمد بن أسماء به. وقال الحافظ البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن خالد بن خلي (4) حدثنا بشر بن حرب (5) عن أبيه، حدثنا الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، أن عمه عبيد الله أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من طلب الأحزاب