فقال عمر بن سعد: أشهد أنك مجنون، أدخلوه علي. فلما دخل حذفه بالقضيب وقال: يا مجنون أتتكلم بهذا الكلام؟ والله لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك! وأخذ عمر بن سعد عقبة بن سمعان مولى الرباب ابنة امرئ القيس الكلبية امرأة الحسين، فقال: ما أنت؟ أنا عبد مملوك. فخلى سبيله، فلم ينج منهم غيره وغير المرقع بن ثمامة الأسدي، وكان قد نثر نبله فقاتل، فجاء نفر من قومه فآمنوا فخرج إليهم، فلما أخبر ابن زياد خبره نفاه إلى الزارة.
ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه من ينتدب إلى الحسين فيوطئه فرسه، فانتدب عشرة، منهم إسحاق بن حيوة الحضرمي، وهو الذي سلب قميص الحسين، فبرص بعد، فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتى رضوا ظهره وصدره.
وكان عدة من قتل من أصحاب الحسين اثنتين وسبعين رجلا.
ودفن الحسين وأصحابه أهل الغاضرية من بني أسد قتلهم بيوم.
وقتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلا سوى الجرحى فصلى عليهم عمر ودفنهم.
* * * و لما قتل الحسين أرسل رأسه ورؤوس أصحابه إلى ابن زياد مع خولي بن يزيد وحميد بن مسلم الأزدي، فوجد خولي القصر مغلقا فأتى منزله فوضع الرأس تحت إجانة في منزله ودخل فراشه وقال لامرأته النوار: جئتك بغنى الدهر، هذا رأس الحسين معك في الدار. فقالت: ويلك! جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله، صلي الله عليه وسلم! والله لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبدا! وقامت من الفراش فخرجت إلى الدار، وقالت: فلما زلت أنظر إلى نور مثل العمود من السماء إلى الإجانة، ورأيت طيرا