فبينما هو كذلك إذ خرجت زينب وهي تقول: ليت السماء انطبقت على الأرض! وقد دنا عمر بن سعد، فقالت: يا عمر أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر [إليه]؟ فدمعت عيناه حتى سالت دموعه على خديه ولحيته وصرف وجهه عنها.
وكان على الحسين جبة من خز، وكان معتما مخضوبا بالوسمة، وقاتل راجلا قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية ويفترص العورة ويشد على الخيل وهو يقول: أعلى قتلي تجتمعون؟ أما والله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله الله أسخط عليكم لقتله مني! وأيم الله إني لأرجوا أن يكرمني الله بهوانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون! أما والله لو قتلتموني لألقي الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم ثم لا يرضي بذلك منكم حتى يضاعف لكم العذاب الأليم.
قال: ومكث طويلا من النهار، ولو شاء الناس أن يقتلوه لقتلوه ولكنهم كان يتقي بعضهم ببعض ويحب هؤلاء، فنادي شمر في الناس: ويحكم ماذا تنتظرون بالرجل؟ اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم! فحموا عليه من كل جانب، فضرب زرعة بن شريك التميمي على كفه اليسرى، وضرب أيضا على عاتقه، ثم انصرفوا عنه وهو يقوم ويكبو، وحمل عليه تلك الحال سنان بن أنس النخعي فطعنه بالرمح فوقع، وقال لخولي بن يزيد الأصبحي: احتز رأسه، فأراد أن يفعل فضعف وأرعد، فقال له سنان: فت الله عضدك! ونزل إليه فذبحه واحتز رأسه فدفعه إلى خولي، وسلب الحسين ما كان عليه، فأخذ سراويله بحر بن كعب وأخذ قيس بن الأشعث قطيفته، وهي من خز، فكان يسمي بعد قيس قطيفة، وأخذ نعليه الأسود الأودي، وأخذ سيفه رجل