ثم إن الخوارج أقامت عليهم أشهرا حتى نفدت أطعمتهم واشتد عليهم الحصار وأصابهم الجهد الشديد فقال لهم عتاب أيها الناس قد نزل بكم من الجهد ما ترون وما بقي إلا أن يموت أحدكم على فراشه فيدفنه أخوه إن استطاع ثم يموت هو فلا يجد من يدفنه ولا يصلي عليه والله ما أنتم بالقليل وإنكم الفرسان الصلحاء فأخرجوا بنا إلى هؤلاء وبكم قوة وحياة قبل أن تضعفوا عن الحركة من الجهد فوالله إني لأرجو إن صدقتموهم أن تظفروا بهم فأجابوه إلى ذلك.
ذكر قتل ابن الماحوز وإمارة قطري بن الفجاءة لما أمر عتاب أصحابه بقتال الخوارج وأجابوه إلى ذلك جمع الناس وأمر لهم بطعام كثير ثم خرج حين أصبح فأتى الخوارج وهم آمنون فحملوا عليهم فقاتلوهم حتى أخرجوهم من عسكرهم وانتهوا إلى الزبير بن الماحوز فنزل في عصابة من أصحابه فقاتل حتى قتل وانحازت الأزارقة إلى قطري بن الفجاءة المازني وكنيته أبو نعامة فبايعوه وأصاب عتاب وأصحابه من عسكره ما شاؤوا وجاء قطري فنزل في عسكر الزبير ثم سار عن أصبهان وتركها وأتى ناحية كرمان وأقام بها حتى اجتمعت إليه جموع كثيرة وجبى المال وقوي ثم أقبل إلى أصبهان ثم أتى إلى أرض الأهواز فأقام بها والحرث بن أبي ربيعة عامل مصعب على البصرة فكتب إلى مصعب يخبره بالخوارج وأنهم ليس لهم إلا المهلب فبعث إلى المهلب وهو على الموصل والجزيرة فأمره بقتال الخوارج وبعث إلى الموصل إبراهيم بن الأشتر وجاء المهلب إلى البصرة وانتخب الناس وسار بهم نحو الخوارج ثم أقبلوا إليه حتى التقوا بسولاف فاقتتلوا بها ثمانية أشهر أشد قتال رآه الناس.