ألا تعجبون أنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه الحسن آل أبي سفيان خمس سنين ثم عدونا على ابنه وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية ضلال يا لك من ضلال!
فلما قال شبث ذلك دعا عمر بن سعد الحصين بن نمير فبعث معه المجففة وخمسمائة من المرامية فلما دنوا من الحسين وأصحابه رشقوهم بالنبل فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم وصاروا رجالة كلهم وقاتل الحر بن يزيد راجلا قتالا شديدا فقاتلوهم إلى أن انتصف النهار أشد قتال خلقه الله لا يقدرون أن يأتوهم إلا من وجه واحد لاجتماع مضاربهم فلما رأى ذلك عمر أرسل رجالا يقوضون البيوت عن أيمانهم وشمائلهم ليحيطوا بهم فكان النفر من أصحاب الحسين الثلاثة والأربعة يتخللون البيوت فيقتلون الرجل وهو يقوض وينهب ويرمونه من قريب أو يعقرونه فأمر بها عمر بن سعد فأحرقت فقال لهم الحسين دعوهم فليحرقوها فإنهم إذا أحرقوها لا يستطيعون أن يجوزوا إليكم منها فكان كذلك.
وخرجت امرأة الكلبي تمشي إلى زوجها فجلست عند رأسه تمسح التراب عن وجهه وتقول هنيئا لك الجنة فأمر شمر غلاما اسمه رستم فضرب رأسها بالعمود فشدخه فماتت مكانها.
وحمل شمر حتى بلغ فسطاط الحسين ونادى علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله فصاحت النساء وخرجن وصاح به الحسين أنت تحرق بيتي على أهلي أحرقك الله بالنار! فقال حميد بن مسلم لشمر: إن هذا لا يصلح [لك]، تعذب بعذاب الله وتقتل الولدان والنساء والله إن في قتل الرجال لما يرضي به أميرك فلم يقبل منه فجاءه شبث بن ربعي فنهاه فانتهى وذهب لينصرف