بالرجالة منهم: أبو الجنوب، واسمه عبد الرحمن الجعفي، والقشعم بن نذير الجعفي، وصالح بن وهب اليزني، وسنان بن أنس النخعي، وخولي ابن يزيد الأصبحي، وجعل شمر يحرضهم على الحسين وهو يحمل عليهم فينكشفون عنه، ثم إنهم أحاطوا به. وأقبل إلى الحسين غلام من أهله فقام إلى جنبه وقد أهوى بحر بن كعب بن تيم الله بن ثعلبة إلى الحسين بالسيف، فقال الغلام: يا ابن الخبيثة أتقتل عمي! فضربه الحسين وقال له: يا ابن أخي اصبر على ما نزل بك فإن الله يلحقك بآبائك الطاهرين الصالحين، برسول الله، صلي الله عليه وسلم، وعلي وحمزة وجعفر والحسن. وقال الحسين: اللهم أمسك عنهم قطر السماء وامنعهم بركات الأرض! اللهم فإن متعهم إلى حين ففرقهم فرقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض عنهم الولاة أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا!
ثم ضارب الرجالة حتى انكشفوا عنه، ولما بقي الحسين في ثلاثة أو أربعة دعا بسراويل ففزره ونكثه لئلا يسلبه، فقال له بعضهم: لو لبست تحته التبان. قال: ذلك ثوب مذلة ولا ينبغي [لي] أن ألبسه. فلما قتل سلبه بحرين كعب، وكانت يداه في الشتاء تنضحان بالماء، وفي الصيف تيبسان كأنهما عود. وحمل على الذين عن يساره فتفرقوا، فلما رؤي مكثور قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا منه ولا أمضى جنانا ولا أجرأ مقدما منه، إن كانت الرجالة لتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزي إذا شد فيها الذئب.