ثم بلغه أن الروم والبربر قد اجتمعوا له في صطفورة وبنزرت وهما مدينتان فسار إليهم وقاتلهم ولقي منهم شدة وقوة فصبر لهم المسلمون فانهزمت الروم وكثر القتل فيهم واستولوا على بلادهم ولم يترك حسان موضعا من بلادهم إلا وطئه وخاف أهل إفريقية خوفا شديدا ولجأ المنهزمون من الروم إلى مدينة باجة فتحصنوا وتحصن البربر بمدينة بونة فعاد حسان إلى القيروان لأن الجراح كثرت في أصحابه فأقام بها حتى صحوا.
ذكر تخريب أفريقية لما صلح الناس قال حسان دلوني على أعظم من بقي من ملوك أفريقية فدلوه على امرأة تملك البربر تعرف بالكاهنة وكانت تخبرهم بأشياء من الغيب ولهذا سميت بالكاهنة وكانت بربرية وهي بجبل أوراس وقد اجتمع حولها البربر بعد قتل كسيرة فسأل أهل إفريقية عنها فعظموا محلها وقالوا له ان قتلتها لم تختلف البربر بعدها عليك فسار إليها فلما قاربها هدمت حصن باغاية ظنا منها انه يريد الحصون فلم يعرج حسان على ذلك وسار إليها فالتقوا على نهر نيني واقتتلوا أشد قتال رآه الناس فانهزم المسلمون وقتل منهم خلق كثير وانهزم حسان وأسر جماعة كثيرة أطلقتهم الكاهنة سوى خالد بن يزيد القيسي وكان شريفا شجاعا فاتخذته ولدا.
وسار حسان حتى فارق أفريقية وأقام وكتب إلى عبد الملك يعلمه الحال فأمره عبد الملك بالمقام إلى أن يأتيه أمره فأقام بعمل برقة خمس سنين فسمي ذلك المكان قصور حسان إلى الآن وملكت الكاهنة أفريقية كلها وأساءت