رسول الله، صلي الله عليه وسلم، وصريحة قريش، عجل عليه ابن زياد فقتله، قتله الله! ثم أذن للناس فدخلوا عليه والرأس بين يديه ومعه قضيب وهو ينكت به ثغره، ثم قال: إن هذا وإيانا كما قال الحصين بن الحمام:
(أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت * قواضب في أيماننا تقطر الدما) (يفلقن هاما من رجال أعزة * علينا وهم كانوا أعمق وأظلما) فقال له أبو برزة الأسلمي: أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين؟ أما لقد أخذ قضيبك في ثغره مأخذا، لربما رأيت رسول الله، صلي الله عليه وسلم، يرشفه، أما إنك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك. ويجيء هذا ومحمد شفيعه. ثم قام فولى.
فقال يزيد: والله يا حسين لو كنت أنا صاحبك ما قتلتك. ثم قال: أتدرون من أين أتى هذا؟ قال: أبي علي خير من أبيه، وفاطمة أمي خير من أمه، وجدي رسول الله خير من جده، وأنا خير منه وأحق بهذا الأمر منه؛ فأما قوله أبوه خير من أبي فقد حاج أبي إلى الله وعلم الناس أيهما حكم له؛ وأما قوله جدي رسول الله خير من جده فلعمري ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر يرى لرسول الله فينا عدلا ولا ندا، ولكنه إنما أتى من قبل فقهه، ولم يقرأ: (قل اللهم مالك الملك).
ثم أدخل نساء الحسين عليه والرأس بين يديه، فجعلت فاطمة وسكينة ابنتا الحسين تتطاولان لتنظرا إلى الرأس، وجعل يزيد يتطاول ليستر عنهما