وبقاع الأرض مختلفة بحسب اختلاف الطبائع وما تؤثره فيها الأجسام السمائية من النيرين وغيرهما فغلب طبع كل أرض على ساكنها كما نشاهد الحرار السود والأغوار، وحشها إلى السواد ووحش الرمال البيض على ذلك اللون فان كانت الرمال أحمر فوحشها عفر وهو لون التراب، وكذلك وحش الجبال من الا راوي وغيرها يكون على ألوان تلك الجبال ان حمرا وان بيضا وان سودا.
وعلى هذا السبيل تكون القملة في الشعر الأسود سوداء وفى الشعر الأبيض بيضاء وفى المشيب شهباء وفى الأحمر حمراء ومن الفلكيين من يرى أن كل جزء من أجزاء الأرض يناسب جزء من أجزاء الفلك ويغلب عليه طباعه لان في أجزاء الفلك المضئ والمظلم والفصيح والأخرس وذا * الأصوات والمجوف وغير ذلك من نعوت الدرج، فلذلك يكون كلام أهل الموضع الواحد مختلفا على قدر ما تصلح فيه السعود وتفسد فيه النحوس ثم يختلف أهل اللسان الواحد في المنطق واللهجات قال المسعودي: وقد ذم ابطلميوس القلوذي آراء كثير * ممن تقدمه ممن عنى بعلم معمور الأرض وغايات ذلك ونهاياته مثل مارينوس وأبرخس وطيمستانس وغيرهم في قبول أقاويل المخبرين من التجار وغيرهم من نهاية المعمور وأن ذلك قد يدخله الكذب والزيادة والنقصان فيما أخبروا به من وصولهم إلى هذه المواضع النائية والعمائر القاصية في البر والبحر، ثم اضطر ابصلميوس لما أراد علم ذلك والوقوف عليه إلى أن يستعمل ما أنكره على من ذكرنا من جهة الخبر فبعث بثقات من رسله في الآفاق ليعرف الغابات من عمران الأرض المسكونة فعمل على أخبارهم مقايسا بها ما وجده بالدلائل النجومية، وهذا دخول منه فيما أنكره، وقد ذكر في كتابه المترجم بمسكون الأرض بلدانا ومدائن كثيرة ووصف أطوالها وعروضها ورسم للناس صورة معمور الأرض على ما رسم فيها