تدل بعجائب نظمها وغرائب تأليفها على وحدانية مبدعها وأزلية منشئها قال الله عز وجل (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) أي في دائرة منها يكونون - إذ اسم الفلك يدل على الاستدارة في لغة العرب، والفلك السماء قال الله عز وجل (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون) قال المسعودي: وقد تنازع الناس في الفلك ممن سلف وخلف فقال أفلاطون وثامسطيوس والرواقيون وعدة ممن تقدم عصر أفلاطون وتأخر عنه من الفلاسفة إنه من الطبائع الأربع التي هي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة إلا أن الغالب عليه النارية وليست ناريته محرقة إنما هي مثل النار الغريزية في الأبدان، وقال آخرون إنه من النار والهواء والماء دون الأرض.
وذهب أرسطاطاليس وأكثر الفلاسفة ممن تقدم عصره وتأخر عنه وغيرهم من حكماء الهند والفرس والكلدانيين إلى أنه طبيعة خامسة خارجة عن الطبائع الأربع ليست فيه حرارة ولا برودة ولا رطوبة ولا يبوسة وانه جسم مدور كرى أجوف يدور على محورين وهما القطبان أحدهما رأس السرطان ومنتهى بنات نعش، من تلقاء نقطة الجنوب، والآخر رأس الجدي وفيه كواكب مثل بنات نعش من تلقاء نقطة الشمال وخط الاستواء في وسط الفلك وهو خط ما بين الشمال والجنوب وأوسع موضع فيه من نقطة المشرق إلى نقطة المغرب وهو منقسم بأربعة أرباع كل ربع منها تسعون درجة على خطين يتقاطعان على مركزه وهو موضع الأرض منه أحد الربعين وهو أحد القطبين نقطة الشمال وبإزائه نقطة الجنوب والربع الثالث نقطة المشرق وبإزائها نقطة المغرب، وهو يدور دورانا طبيعيا دائما وبدورانه ودوران الكواكب التي فيه تنفعل الكيفيات وانبسطت الأركان