على ما قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب، وليس في المعمور أكبر منها لأنها مسيرة شهر في مثل ذلك، وقيل أكثر على ما قدمنا وماؤها عذب ويليها في العظم بحيرة المارزبون بأرض الروم، وسبب مسيرهم إلى هذه الديار. وكان صاحب رومية منقادا إلى صاحب القسطنطينية مطيعا له ممتثلا لامره لا يلبس تاجا ولا يتسمى بالملك على ذلك جرت رسومهم قديما قبل ظهور الاسلام إلى نحو سنة 340 للهجرة فان صاحب رومية قوى أمره وكثرت جموعه، فلبس التاج والثياب الفرفير والخفاف الحمر وغير ذلك مما يختص به ملك الروم وتسمى ملكا فلما بلغ قسطنطين بن أليون الملك على الروم في هذا الوقت ذلك أنفذ إليه الجيوش فعادت إليه منكوبة مهزومة فكاتبه حينئذ ورضى منه بالمسالمة وقد كان جرى بينهما مصاهرة قبل هذه المنابذة، زوج ملك رومية ابنته بأرمانوس بن قسطنطين وحملها إليه وجهزها بأفخر ما تجهز به بنات الملوك وأعظمه قدرا فهلكت عنده وسائر أجناس الإفرنجية من الجلالقة والجاسقس والوشكنس وارمانجس وأكثر الصقالبة والبرغر وغيرهم من الأمم فدائنون بالنصرانية منقادون إلى صاحب رومية، ورومية دار مملكة الإفرنجة * العظمى قديما وحديثا وقد ذكر ذلك أرسطاطاليس في رسالته إلى الإسكندر التي يحرضه فيها على المسير لحرب دارا ابن دارا ملك فارس فقال " انك أيها الملك قد رأيت أمارات الظفر عند مسيرك أولا إلى الإفرنجة *، فان مشايخهم الذين كانوا على تخوم بلادهم، لما دنوت منهم أسلموا أطراف بلادهم والتجئوا إلى مدينتهم العظمي رومية " قال المسعودي: وكانت مساكن الروم واليونانيين متجاورة كمجاورة سكان
(١٥٤)