من قبل أرضه فيرتحل منها فيقع البلاء بالجوف ويقع البلاء بينهم ثم ينقطع أمرهم ويجئ من أهل بيت غيرهم فيغلب عليهم.
أخبرني أبو عامر الطائي قال كنت بحمص يوم حاصر مروان حمص أربعة أشهر أو نحو ذلك حتى خلص إليهم الجوع والعطش وضاق من فيها حتى أرادوا مصالحته.
قال فكان مروان يأمر قوما يحفرون خارج المدينة فإذا أخذوا في الحفر تحت سورها حفر بحذاهم من داخل المدينة قوم آخرون من أهل حمص حتى يلتقوا في الأسراب وكان لأهل حمص نبطي في المدينة إذا أخذ أصحاب مروان في الحفر أمر من في المدينة أن يحفروا بحذاهم فلا يزالون يحفرون حتى يلتقوا وربما سقط عليهم حفيرتهم فيموتون جميعا وكان مروان لا يأمر بالحفر عليهم من موضع إلا حفروا داخل المدينة بحذاهم فقيل لمروان في المدينة نبطي لا يحفر عليهم من خارج حفرا إلا أمرهم فحفروا بحذانا حتى نلتقي نحن وهم فيها.
قال فدس مروان إلى النبطي فأطعمه في مال يوصله إليه فأبى النبطي أن يخرج إليه فلما أيس من النبطي قال اقطعوا عنهم كل ماء يصل إليهم من وجه من الوجوه فلما علم أهل حمص بذلك أقاموا على سورهم رجلا أسود عريان بحذاء عسكره فناداهم فقال يا مروان إن كنت عطشانا أسقيناك من وإن كنت جائعا أطعمناك وإن كنت تريد أن نفعل بك كذا وكذا فعلنا بك فاحفظ عسكرك لا يغرقك ما يرسل عليك من الماء ثم نادوا في المدينة أن يرسلوا الحريس نهر لهم يجري إلى خارج المدينة يحيف المدينة وقدرها فصبوا فيه الماء من الآبار فخرج منه على عسكر مروان ماء جرارا فلما مر بعسكر مروان فزعوا منه فقال مروان ما هذا؟ قالوا ماء أرسلوه عليك من مدينة حمص أهل حمص فقال ظننت أنه قد وصل إليهم العطش وعندهم من فضول الماء ما يخاف على عسكرنا منه الغرق ارتحلوا فارتحلوا عنهم.