تقديم بسم الله الرحمن الرحيم تعرفت منذ قرابة ربع قرن مضى على كتاب الفتن لنعيم بن حماد، وحصلت وقتها على صورة المخطوطتين عن هذا الكتاب من لندن واستانبول، وكنت آنذاك طالبا في جامعة لندن أحضر لنيل شهادة الدكتوراه، وبعد عودتي إلى دمشق نويت تحقيق الكتاب ونسخته وأجريت مقابلة بين نسختيه، ثم اضطررت لترك العمل به وتأجيله، وبعد مرور أكثر من عشر سنوات عدت إلى الكتاب لدى شروعي بتحقيق كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب للصاحب كمال الدين عمر بن أحمد بن العديم، فقد أكثر ابن العديم النقل عن هذا الكتاب في الجزء الأول من كتابه ودعاء باسم " الملاحم والفتن " ومع هذا كنت كلما فكرت بإكمال عملي في هذا الكتاب انشغل عنه، حتى كانت حرب الخليج المأساوية الأخيرة، فوقتها راج بين الناس عدة نبوءات متباينة، الامر الذي يدلل على استمرار تأثير التفكير الغيبي الرؤي على العقلية العربية، وفي ظل الأجواء المحمومة المعطلة وجودت نفسي أترك ما لدي من أعمال وأتناول كتاب الفتن لاكمال تحقيقه وهذا ما كان.
وأنا شديد الاهتمام منذ زمن بعيد في بحث عدد من قضايا التحولات في العقلية العربية الاسلامية، خاصة مسألة الابتعاد عن التمسك بالقانون والشريعة كوسيلة للتغيير إلى التعلق بالفرد وجعله موضع الأمان في صنع التغيير، فمنذ أحداث الفتنة الكبرى رأى عدد كبر أن الحل في قتل عثمان ومبايعه علي بن أبي طالب، أي استبدال رجل برجل، وفي أيامنا نهتم بسيكولوجية الحدث التاريخي بقدر اهتمامنا بالجوانب الأخرى.
واهتممت أيضا بدراسة تاريخ أحزاب المعارضة في الاسلام، وخاصة حزب الشيعة وتطوراته، ورواج فكرة " الوصي " ثم عقيدة " المهدي " المنتظر، وهنا صحيح أنه لفت انتباهي