واتبعه جماعة، فوجه إليه عبد الله بن طاهر بعض عماله، فلما لحقه هرب محمد بن القاسم من الطالقان إلى نيسابور، وذكر أن القوم اعتقلوه، وأنه لم يكن له في ذلك إرادة، فأخذه عبد الله بن طاهر، فحمله إلى المعتصم، فحبسه في قصره، فهرب منه ليلة الفطر سنة 219، فطلبوه، فلم يقدروا عليه.
ووثب الزط بالبطائح بين البصرة وواسط، فقطعوا الطريق، فوجه إليهم المعتصم أحمد بن سعيد بن سلم بن قتيبة الباهلي، فهزموه، فعقد المعتصم لعجيف في جمادى الأولى سنة 219، فطلبوا الأمان، وخرجوا إليه على حكم المعتصم، فأدخلهم بغداد، فأجاز المعتصم لهم الأمان، وأسكنهم خانقين.
وسخط المعتصم على الفضل بن مروان وزيره، وبطش بجماعة من أصحابه، واستصفى أموالهم، ووجه الفضل إلى إسحاق بن إبراهيم ببغداد، وأمر بطلب أموالهم، فركب به إلى داره، وأخرج منها مالا عظيما، ثم نفي، فقال فيه راشد بن إسحاق:
يكفيك من غير الأيام ما صنعت * حوادث الدهر بالفضل بن مروان وامتحن المعتصم أحمد بن حنبل في خلق القرآن، فقال أحمد: أنا رجل علمت علما، ولم أعلم فيه بهذا، فأحضر له الفقهاء، وناظره عبد الرحمن بن إسحاق وغيره، فامتنع أن يقول إن القرآن مخلوق، فضرب عدة سياط، فقال إسحاق بن إبراهيم: ولني، يا أمير المؤمنين، مناظرته! فقال: شأنك به! فقال إسحاق: هذا العلم الذي علمته نزل به عليك ملك، أو علمته من الرجال؟ قال:
بل علمته من الرجال. قال: شيئا بعد شئ، أو جملة؟ قال: علمته شيئا بعد شئ. قال: فبقي عليك شئ لم تعلمه؟ قال: بقي علي. قال: فهذا مما لم تعلمه، وقد علمكه أمير المؤمنين. قال: فإني أقول بقول أمير المؤمنين.
قال: في خلق القرآن؟ قال: في خلق القرآن، فأشهد عليه وخلع عليه، وأطلقه إلى منزله.
وخرج المعتصم إلى القاطول في النصف من ذي القعدة سنة 220، فاختط