وبلغ طاغية الروم فزحف في خلق عظيم فلما دنا وجه المعتصم بالافشين في جيش عظيم، فلقي الطاغية، وأوقع به وهزمه، وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة، فأوفد طاغية الروم من قبله وفدا إلى المعتصم يقول: إن الذين فعلوا بزبطرة ما فعلوا تعدوا أمري، وأنا أبنيها بمالي ورجالي، وأرد من أخذ من أهلها، وأخلي جملة من في بلد الروم من الأسارى، وأبعث إليك بالقوم الذين فعلوا بزبطرة على رقاب البطارقة.
وفتحت عمورية يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة 223، فقتل وسبى جميع من فيها وأخذ ياطس خال ملك الروم، وأخرب وأحرق كل ما اجتاز به من بلادهم، وانصرف، فلما صار بأذنة حبس العباس ابن المأمون لما كان بلغه من المعصية والخلاف واجتماع من اجتمع إليه من القواد، ووجد له مائة ألف وستة عشر ألف دينار، فأمر أن تفرق على الجند، ويؤمروا أن يلعنوه، فأحصوا، فوجدوا ثمانين ألف مرتزق، فدفع إليهم دينارين دينارين، وتمم ذلك المعتصم من عنده، ودفع العباس إلى الافشين مقيدا ليسيره، فلما صار بحبد 1 رأس توفي، وقيل إن الافشين أطعمه طعاما كثير الملح في يوم شديد الحر، ومنعه الماء، فحمل إلى منبج، فدفن بها، وسخط المعتصم على عجيف ابن عنبسة لأنه كان سبب معصيته، وحمله من أذنة في الحديد الثقيل، في فيه لبود قد خيطت عليه، وفي عنقه غل عظيم، فلما صار بموضع يقال له باعيناثا، على مرحلة من نصيبين، مات، ودفن بها، وسأل ابنه صالح بن عجيف أن لا ينسب إليه، وأن يدعى صالحا المعتصمي، ولعنه، وبرئ منه.
وكان المازيار، وهو محمد بن قارن بن بنداد هرمز، اصبهبذ طبرستان، قد قدم على المأمون، بعد وفاة أبيه وتصيير مملكة طبرستان إلى عمه، فملكه المأمون على مدينتين من مدن طبرستان، وكتب إلى عمه في تسليمهما إليه، وخرج متوجها، فلما بلغ عمه ذلك أغاظه وبلغ منه، فخرج كأنه يتلقاه،