وكتب في إشخاص الفقهاء من العراق وغيرها، فامتحنهم في خلق القرآن، وأكفر من امتنع أن يقول القرآن غير مخلوق، وكتب أن لا تقبل شهادته، فقال كل بذلك، إلا نفرا يسيرا.
وكتب المأمون على عنوانات كتبه: بسم الله الرحمن الرحيم، فكان أول من أثبتها على عنوانات كتب الخلفاء، وكبر بعد كل صلاة، فبقي ذلك سنة، وحول العلم عند مواقيت الصلاة، ونزع المقاصير من المساجد الجامعة، وقال: هذه سنة أحدثها معاوية.
وكان بشر بن الوليد الكندي، قاضي المأمون ببغداد، قد ضرب رجلا قرف بأنه شتم أبا بكر وعمر، وأطافه على جمل، فلما قدم المأمون أحضر الفقهاء، فقال: إني قد نظرت في قضيتك، يا بشر، فوجدتك قد أخطأت بهذا خمس عشرة خطيئة، ثم أقبل على الفقهاء، فقال: أفيكم من وقف على هذا؟ قالوا:
وما ذاك، يا أمير المؤمنين؟ فقال: يا بشر! بم أقمت الحد على هذا الرجل؟
قال: بشتم أبي بكر وعمر. قال: حضرك خصومه؟ قال: لا! قال:
فوكلوك؟ قال: لا! قال: فللحاكم أن يقيم حد القرفة بغير حضور خصم؟
قال: لا! قال: وكنت تأمن أن يهب بعض القوم حصته، فيبطل الحد؟
قال: لا! قال: فأمهما كافرتان أو مسلمتان؟ قال: بل كافرتان. قال:
فيقام في الكافرة حد المسلمة؟ قال: لا! قال: فهبك فعلت هذا بما يجب لأبي بكر وعمر من الحق، أفيشهد عندك شاهدا عدل؟ قال: قد زكي أحدهما.
قال: فيقام الحد بغير شاهدين عدلين؟ قال: لا! قال: ثم أقمت الحد في رمضان، فالحدود تقام في شهر رمضان؟ قال: لا! قال: ثم جلدته وهو قائم، فالمحدود يقام؟ قال: لا! ثم شبحته بين العقابين، فالمحدود يشبح؟
قال: لا! قال: ثم جلدته عريانا، فالمحدود يعرى؟ قال: لا! قال: ثم حملته على جمل، فأطفته، فالمحدود يطاف به؟ قال: لا! قال: ثم حبسته بعد أن أقمت عليه الحد، فالمحدود يحبس بعد الحد؟ قال: لا! قال: لا يراني الله