أبوء بإثمك وأشاركك في جرمك، خذوا عنه ثيابه، واحضروا المحدود ليأخذ حقه منه. فقال له من حضر من الفقهاء: الحمد لله الذي جعلك عاملا بحقوقه، عارفا بأحكامه، تقول الحق، وتعمل به، وتأمر بالعدل، وتؤدب من رغب عنه، إن هذا، يا أمير المؤمنين، حاكم أجد برأيه فأخطأ، فلا تفضح به الحكام، وتهتك به القضاء. فأمر به، فحبس في داره حتى مات.
ورفع جماعة من ولد الحسن والحسين إلى المأمون يذكرون أن فدك كان وهبها رسول الله لفاطمة، وأنها سألت أبا بكر دفعها إليها بعد وفاة رسول الله، فسألها أن تحضر على ما ادعت شهودا، فأحضرت عليا والحسن والحسين وأم أيمن، فأحضر المأمون الفقهاء، فسألهم عن.... 1، رووا أن فاطمة قد كانت قالت هذا، وشهد لها هؤلاء، وان أبا بكر لم يجز شهادتهم. فقال لهم المأمون:
ما تقولون في أم أيمن؟ قالوا: امرأة شهد لها رسول الله بالجنة، فتكلم المأمون بهذا بكلام كثير، ونصهم إلى أن قالوا: إن عليا والحسن والحسين لم يشهدوا إلا بحق، فلما أجمعوا على هذا، ردها على ولد فاطمة، وكتب بذلك، وسلمت إلى محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وغزا المأمون بلاد الروم سنة 218، وقد استعد لحصار عمورية، وقال:
أوجه إلى العرب، فآتي بهم من البوادي، ثم أنزلهم كل مدينة أفتتحها، حتى أضرب إلى القسطنطينية، فأتاه رسول ملك الروم يدعوه إلى الصلح والمهادنة ودفع الاسرى الذين قبله، فلم يقبل، فلما قرب من لؤلؤة أقبل، فأقام أياما، وتوفي بموضع يقال له البدندون، بين لؤلؤة وطرسوس، وكانت وفاته يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة 218، وسنة ثمان وأربعون سنة وأربعة أشهر، وصلى عليه أخوه أبو إسحاق، ودفن بطرسوس في دار