فرقوا 1 على علي بن هشام، ونسبوه إلى الخلاف والمعصية، وكتب العباس بن سعيد الجوهري صاحب بريد علي بن هشام بمثل ذلك، فوجه المأمون بعجيف ابن عنبسة، وكان من أجل قواده، وأحمد بن هشام، وأشخص عجيف عليا إلى أذنة، فأمر المأمون بضرب عنقه وعنق أخيه الحسين بن هشام، وكان المتولي لذلك منهما بيده ابن أختهما أحمد بن الخليل بن هشام، ونصب رأس علي بن هشام على قناة أياما، ثم وجه به إلى برقة، فجعل في المنجنيق، ثم رمى به في البحر.
وغزا المأمون بلاد الروم في هذه السنة، وهي سنة 217، وصار إلى حصن من حصون الروم يقال له لؤلؤة، فأقام عليه حينا لم يفتحه، فبنى عليه حصنين أنزل فيهما أبا إسحاق والرجال، ثم قفل متوجها إلى قرية يقال لها سلغوس، وخلف على حصنه أحمد بن بسطام، وخلف أبو إسحاق على حصنه محمد بن الفرج بن أبي الليث بن الفضل، وصير عندهم زاد سنة، وخلف المأمون على جميع الناس عجيف بن عنبسة، فمكرت الروم أصحاب لؤلؤة بعجيف، فأسروه، فمكث في أيديهم شهرا، وكاتبوا ملكهم، فسار نحوهم، فهزمه الله بغير قتال، وظفر من كان في الحصنين من المسلمين بعسكره، فحووا كل ما كان فيه. فلما رأى ذلك أهل لؤلؤة، وأضر بهم الحصار، طلب رئيسهم الحيلة، فقال لعجيف: أخلي سبيلك على أن تطلب لي الأمان من المأمون، فضمن له ذلك، فقال: أريد رهينة. فقال: أنا أحضرك ابني، فوجه إلى خليفته أن يوجه إليه بفراشين نصرانيين، ويخوسان ويجملان، فوجه معهما بجماعة من غلمان نصارى في زي المسلمين. ففعل ذلك، فدفعهم عجيف إليهم، وخرج، فلما صار إلى المعسكر كتب إليهم: ان الذين في أيديكم نصارى، وأنتم مخيرون فيهم، فكتب إليه رئيسهم: إن الوفاء حسن وهو من دينكم أحسن. فأخذ لهم عجيف الأمان، وفتحها، وأسكنها المسلمين.
وصار المأمون إلى دمشق سنة 218، وامتحن الناس في العدل والتوحيد،