وخرج محمد بن عمرو الشيباني الخارجي بديار ربيعة، وأبو سعيد محمد ابن يوسف بها، فخرج إليه مع الجند ومحمد بن عمرو في ثلاثمائة، أو أربعمائة من الخوارج، فصار إلى سنجار، ثم انهزم إلى ناحية الموصل، فتبعه أبو سعيد، فأسره وأدخله نصيبين على بقرة، وحمله.... 1 إلى الواثق، فكتب إليه: ما ينبغي أن يقتل، فإنه لن يخرج خارجي ما دام حيا، فلم يزل محبوسا أيام الواثق.
وفرق الواثق أموالا جمة بمكة والمدينة وسائر البلدان على الهاشميين وسائر قريش والناس كافة، وقسم في أهل بغداد قسما كثيرة مرة بعد أخرى على أهل البيوتات وعلى عامة الناس، وكثر الحريق ببغداد، وفرق على قوم من التجار أموالا جمة، وبنى لقوم وأسقط ما كان يؤخذ ممن يرد في بحر الصين من العشر.
وكان الغالب على الواثق أحمد بن أبي دؤاد، ومحمد بن عبد الملك، وعمر بن فرج الرخجي، وكان على شرطه إسحاق بن إبراهيم، وعلى حرسه إسحاق بن يحيى بن سليمان بن يحيى بن معاذ.
واعتل الواثق، واشتدت علته حتى حفر له في الأرض حفير كالتنور، ثم سخن بحطب الطرفاء، وصير فيه مرارا، وكان يقول في علته: لوددت أني أقلت العثرة، وأني حمال أحمل على رأسي. وقيل له في البيعة لابنه، فقال:
لا يراني الله أتقلدها حيا وميتا.
وكان قد انتقل من قصور المعتصم، وبنى له قصرا على شط دجلة يقال له الهاروني، وجعل له دكتين: دكة غربية ودكة شرقية، وكان من أحسن القصور، وكانت وفاته يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة 232، وسنه يومئذ أربع وثلاثون سنة، وكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وثلاثة عشر يوما، وخلف من الولد الذكور ستة: محمدا، وعليا، وعبد الله، وإبراهيم، وأحمد، ومحمدا الأصغر.