الجسر في الجانب الشرقي من بغداد.
وكان الافشين لما قدم آذربيجان ولى أرمينية محمد بن سليمان الأزدي السمرقندي، فقدمها، وقد خالف سهل بن سنباط بالران، وتغلب عليها، فدخل بلاده، فبايته سهل، فهزمه، ووثب محمد بن عبيد الله الورثاني بورثان، فوجه إليه الافشين منكجور ليحاربه، وتكلم في أمره علي بن يحيى الأرمني، فأمنه المعتصم، فقدم به علي بن يحيى، ثم ولى الافشين أرمينية محمد بن خالد بخارخذاه، فلما قدم حارب الصنارية، وصار إلى تفليس، فبره إسحاق بن إسماعيل، ووصله، ثم ولى أرمينية علي بن الحسين بن سباع القيسي، فاستضعفه أهل البلد، حتى كان يسمى اليتيم لضعفه ومهانته، فولى المعتصم خالد بن يزيد أرمينية وناحية من ديار ربيعة، فلما بلغ خبره أرمينية تحصن كل رئيس فيها، واشتد خوفهم منه، وعملوا على العصيان، فكتب منصور بن عيسى السبيعي، صاحب بريد أرمينية، إلى المعتصم بذلك، فرد خالدا، وأمر بإقرار علي بن الحسين، فلم يلبث إلا أياما حتى شغب الجند عليه ببرذعة، وطلبوا أرزاقهم، فقال: ليس لي شئ، والأموال عند أهل البلد، وطالب أهل البلد، فامتنعوا عليه، وتحصنوا في حصونهم، ثم تراسلوا، واجتمعوا، فحاصروه ببرذعة، فوجه المعتصم حمدويه بن علي بن الفضل إلى البلد، فصار إلى النشوي، فخرج إليه يزيد بن حصن في الأمان... 1 فكان لا يهيجهم خوفا من أن يعلوا عليه.
ودخلت الروم زبطرة سنة 223، فقتلوا وأسروا كل من فيها، وأخرجوهم، فلما انتهى الخبر إلى المعتصم قام من مجلسه نافرا، حتى جلس على الأرض، وندب الناس للخروج، ووضع الاعطاء، وعسكر من يومه بموضع يعرف بالعيون من غربي دجلة، وقدم اشناس التركي على مقدمته، وخرج يوم الخميس لست خلون من جمادى الأولى سنة 223، ودخل أرض الروم، فقصد أرض عمورية، وكانت من أعظم مدائنهم، وأكثرها عدة ورجالا، فحاصرها حصارا شديدا.