وبلغ المأمون ان بشر بن داود المهلبي عامل السند قد خالف، فوجه؟ حاجب ابن صالح عاملا مكانه، فلما صار بمكران ألفى أخا لبشر بن داود، فقال له:
سلم العمل، إن سبيل كتاب العمل أن يقرأه بشر ليكتب بالتسليم، وقال: إنما أنا من قبل بشر، وبشر بالمنصورة، وبينك وبينه يومان، فإذا اجتمعت معه وكتب إلي بالتسليم سلمت إليك. فوقعت بينهما المنازعة، وكتب إلى المأمون يخبره أن بشرا قد خلع، وأنه على محاربته، فأحضر المأمون محمد بن عباد المهلبي، وكان سيد أهل البصرة في زمانه، فقال: قد خالف بشر! فقال:
معاذ الله! قال: فاخرج مع غسان بن عباد! فوجه مع غسان بجماعة من القواد وبموسى بن يحيى بن خالد البرمكي، وأمره أن يولي موسى البلد، فلما صار غسان إلى بلاد السند خرج إليه بشر، وأعطاه الطاعة من غير حرب ولا منازعة، فأشخصه، وولى البلد موسى بن يحيى، فلم يزل موسى في البلد حتى مات، فصار ابنه عمران بن موسى مكانه، ولما قدم بشر بن داود العراق ومن كان معه من آل المهلب أطلقهم المأمون جميعا، وأحسن إليهم.
وظفر المأمون بإبراهيم بن المهدي بن شكلة في أول سنة 208، ظفر به ليلا، فجلس في تلك الليلة جلوسا عاما، وحبسه عند أحمد بن أبي خالد بغير وثاق، وأمره بالاحسان إليه، ثم كتب إبراهيم من حبسه، وهو لا يشك أنه يقتله، كتابا إلى المأمون قال فيه: ولي الثأر، يا أمير المؤمنين، محكم في القصاص والعفو أقرب للتقوى، من تناوله الاغترار بما مد له من الرخاء أمر عادية الدهر على نفسه، وقد جعلك الله فوق كل ذي عفو كما جعل كل ذي ذنب دوني، فإن عفوت فبفضلك، وإن أخذت فبحقك. فوقع المأمون في رقعته: القدرة تذهب الحفيظة، والندم توبة بينهما عفو الله، وهو من أكثر ما نسأله. وخلى سبيله، وعفا عنه، وقال: إني شاورت جميع أصحابي في أمرك حتى شاورت أخي أبا إسحاق وابني العباس، فكلهم أشار علي بقتلك، فأبيت إلا العفو عنك. فقال: اما أن يكونوا قد نصحوك في عظم الخلافة