تاريخ اليعقوبي - اليعقوبي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٠
فحكى ابن منصور بن زياد، وكان على بريد عبد الله بن طاهر، وكتب بخبره إلى المأمون: ان عبد الله بن طاهر يخرج في كل ليلة من عسكره، ويخرج إليه نصر بن شبث، فيجتمعان ويتحدثان، فدعا المأمون بعمرو بن مسعدة، فأمره أن يظهر علة يحتاج أن يقيم لها في منزله، وأن يخرج على خمس عشرة دابة من دواب البريد، ولا يعلم أحدا حتى يصير إلى عبد الله بن طاهر، ويقول له: يا ابن الفاعلة، لقد هم أمير المؤمنين أن يؤمر عبدا أسود، ثم يوجهه مكانك، ويجعلك سائسا له، وأمر عمرا أن لا يسلم عليه، ولا يسمع له جوابا، فخرج عمرو، فلما اجتمع مع عبد الله لم يسلم عليه حتى بلغه الرسالة على رؤوس الناس، ثم انصرف، ولم يسمع منه جوابا، فلما كان يوم الأربعين من مصير عمرو وافى نصر بن شبث، وسار عبد الله يستقري الشأم بلدا بلدا لا يمر ببلد إلا أخذ من رؤساء القبائل والعشائر والصعاليك والزواقيل، وهدم الحصون وحيطان المدن، وبسط الأمان للأسود والأبيض والأحمر، وضمهم جميعا، ونظر في مصالح البلدان، وحط عن بعضها الخراج، فلم يبق مخالف ولا خالع إلا خرج من قلعته وحصنه.
وسار عبد الله بالقوم جميعا إلى مصر، فلقيه علي بن عبد العزيز الجروي المتغلب بأسفل الأرض، فأعلمه أنه لم يزل هو وأبوه في الطاعة، فقبل قوله، وسيره معه حتى نزل ببلبيس، فواقع عبيد الله بن السري وقعات، وجعل أصحاب عبيد الله يستأمنون شيئا بعد شئ، حتى لم يبق معه ممن كان يعتمد عليه أحد، فلما رأى ذلك طلب الأمان، على أن يسوغ ما أخذ، ويطلق له جباية الصعيد شهرين، فأجابه إلى ذلك، وأعطاه الأمان، وقال: لو شرط أن أضع له خدي في الأرض يطأ عليه لفعلت، وكان ذلك قليلا عندي في جنب ما أوثره من حقن الدماء، فخرج إليه لعشر بقين من صفر سنة 211.
ودخل عبد الله بن طاهر الفسطاط، وكتب بالفتح، وأقر عبد الله بن طاهر عبيد الله بن السري على الصعيد شهرين، ثم سيره إلى العراق، ثم ولى العباس
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»
الفهرست