ابن عبد العزيز الجروي متغلب بأسفل الأرض، فلما قربا منه كتب إليهما أنه في السمع والطاعة، وأنه لم يزل هو وأبوه على ذلك. وأن كتبهما لم تزل بهذا، فصار خالد بن يزيد وعمر بن فرج إلى ناحية أسفل الأرض. فأقاما عدة شهور يكاتبان عبيد الله بن السري، ثم زحف إليه خالد، فأقام عمر بموضعه، وخرج عبيد الله من الفسطاط لمحاربة خالد، فلما التقيا خذل خالدا أصحابه الذين كان الجروي أنفذهم معه، فحارب خالد ساعة في مواليه وعشيرته، وكاثره عبيد الله، وأسره، فأقام عنده مكرما في أحسن حال وأجملها، ثم حمله في البحر، وزوده، وأجازه إلى العراق، وكان خالد يقول: ما شكرت أحدا شكري لعبيد الله بن السري، لقد أحسن إلي كل إحسان لولا أنه حملني في البحر. وأقام عمر بن الفرج بأسفل الأرض إلى أن حضر وقت الحج، فبذرقه ابن الجروي إلى مكة.
وكتب صاحب الخبر بخراسان يذكر أن طاهر بن الحسين صعد المنبر في يوم الجمعة، فخطب الناس، ولم يدع لأمير المؤمنين، فدعا المأمون بأحمد ابن أبي خالد ليلا، فقال له: بعتني بثلاثة آلاف ألف درهم أخذتها من طاهر؟
فقال: أنا أخرج إليه، فأكفيك أمره، فأمره أن يتجهز، ثم ورد كتاب طاهر على أحمد بن أبي خالد يسأله أن يوجه إليه محمد بن فرخ العمركي، وكان أحب الناس إلى طاهر، وأوثقهم في نفسه، فقال أحمد بن أبي خالد للمأمون: يا أمير المؤمنين! إن محمد بن فرخ يقوم بما كنت أقوم به، فأقطع عدة قطائع، ووصل بمال عظيم، ونفذ إلى خراسان، فأقام عنده شهرا حتى توفي، فيقال إن ابن أخي العمركي سقاه سما فقتله.
وتوفي طاهر بن الحسين بخراسان في سنة 207، وهو ابن ثمان وأربعين سنة، فولى المأمون ابنه طلحة بن طاهر خراسان، وأنفذ أحمد بن أبي خالد في الجيش الذي كان ضمه إليه، فنفذ إلى خراسان، وأقدم معه الافشين حيدر بن كاوس الاشروسني وجملة من أبناء ملوك خراسان.