وتدبير الملك، فقد فعلوا، ولكنك أبيت أن تستجلب نصر الله من حيث دعوك.
وكان المأمون شاور فيه أصحابه جميعا، فكل أشار بقتله، فقال لهم: إن قتلته كنت متبعا للملوك قبلي فيما فعلته بمن ناوأها ونازعها، وإن عفوت كنت أمة وحدي.
ووثب ابن عائشة، وهو إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، في جماعة معه منهم: مالك بن شاهي النفري من أهل السواد، ومحمد بن إبراهيم الإفريقي، فدونوا الدواوين، وأثبتوا أسماء الرجال، وسموا العمال، فظفر به المأمون، فحبسه في المطبق، فاستمال إبراهيم بن عائشة أهل المطبق، حتى حملهم على الوثوب، وأن يشغبوا، وتنصروا، وشدوا الزنانير في أوساطهم والصلب في أعناقهم، ورفع محمد بن عمران صاحب البريد خبرهم، فركب المأمون إلى المطبق ليلا، لما صح عنده الخبر، وأحضر جماعة من قواده، ودعا بإبراهيم، فضرب عنقه وقتل الذين كانوا معه، وهم: الإفريقي، وفرج البغواري، وصلب ابن عائشة ببغداد ثلاثة أيام، ثم أنزله، وكان ذلك في سنة 210.
وشخص المأمون من بغداد إلى فم الصلح، وهو منزل الحسن بن سهل، فتزوج بوران بنت الحسن بن سهل، فعرس بها هناك، فكان عرسا لم ير مثله، فأنفق الحسن بن سهل على المأمون وجميع من معه من أهل بيته وكتابه وأصحابه وجميع من حوى عسكره من الاتباع، أيام مقام المأمون، ونثر عليهم الضياع والقرى والجواري والوصفاء والخيل والدواب، فكانت تكتب أسماء هذه الأنواع في رقاع صغار، وتجعل في بنادق المسك، وتنثر على الناس، فكلما أخذ إنسان بندقة نظر إلى الرقعة فيها، ثم قبضها من الوكلاء، ثم نثر على الناس الدراهم والدنانير وفأر المسك وقطع العنبر، وأقام المأمون أربعين يوما ثم انصرف.
وفتح عبد الله بن طاهر كيسوم، فظفر بنصر بن شبث في هذه السنة، وهي سنة 210، وحمله إلى المأمون.