وقدم الحسن بن سهل العراق، فنزل النهروان، وتوجه هرثمة إلى أبي السرايا، والتقوا بناحية الكوفة لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة 199، فكانت بينهم وقائع، فانصرف هرثمة، وزحف زهير بن المسيب الضبي إليه، فهزمه أبو السرايا، ورجع زهير إلى قصر ابن هبيرة، فوجه إليه الحسن بن سهل عبدوس بن محمد بن أبي خالد في جيش عظيم، فلقي أبا السرايا بموضع يقال له الجامع، بين بغداد والكوفة، لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب من هذه السنة، فقتله أبو السرايا، وأسر أخاه هارون بن محمد بن أبي خالد وجماعة من أصحابه.
وبلغ زهيرا الخبر، فانصرف من قصر ابن هبيرة إلى بغداد، فرجع هرثمة في جيوش عظيمة، فلقي أبا السرايا، فلم يزل هرثمة حتى صار إلى الكوفة، فقاتله قتالا شديدا، حتى قتل عامة أصحاب أبي السرايا، ودخل هرثمة الكوفة، وخرج أبو السرايا منهزما، حتى صار إلى واسط، ثم إلى الأهواز، فلقيه الحسن ابن علي الباذغيسي المعروف بالمأموني فهزمه.
وانصرف أبو السرايا راجعا منهزما إلى روستقباذ، وهو عليل شديد العلة من بطن به، وبلغ حمادا الخادم المعروف بالكندغوش مكانه، فهجم عليه، فأخذه وأخذ معه محمد بن محمد العلوي وأبا الشوك مولاه، فصار بهم إلى الحسن ابن سهل وهو بالنهروان، فلما أدخل عليه قال له أبو السرايا: استبقني، أصلح الله الأمير. قال: لا أبقى الله علي إن أبقيت عليك! فأمر به فضربت عنقه، وقطع بنصفين، وصلب على جسري بغداد. وأتى بمحمد بن محمد العلوي، فقربه وأدناه وبره، وقال له: لا خوف عليك، لعن الله من غرك!
وولى خالد بن يزيد بن مزيد الكوفة.
وصار الحسن بن سهل إلى المدائن، ووجه إلى محمد بن الحسن السلق عبد الله بن سعيد الحرشي، فالتقوا بواسط في شرقي دجلة، فهزم السلق، وفض جمعه.