كلامه فلم يقدر على إجابته، فهال ذلك الفضل، ففتح الخريطة، وقرأ الكتب، ثم قال: أين الرأس؟ فطلب ما معه، فلم يوجد، وسئل عنه فلم يتكلم، فوجه في طلبه فوجده قد سقط على مقدار ميلين، فحمل وأدخل إلى مرو.
وقرئ الفتح على الناس وبويع للمأمون بالخلافة، وخلع محمدا، فأعطى جميع أهل خراسان الطاعة للمأمون.
فحدثني أحمد بن عبد الرحمن الكلبي قال: سلم على المأمون بالخلافة وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد، ثم قال: أيها الناس!
إني جعلت لله على نفسي إن استرعاني أموركم أن أطيعه فيكم، ولا أسفك دما عمدا لا تحله حدوده، وتسفكه فرائضه، ولا آخذ لاحد مالا، ولا أثاثا، ولا نحلة تحرم علي، ولا أحكم بهواي في غضبي ولا رضاي إلا ما كان في الله له، جعلت ذلك كله لله عهدا مؤكدا، وميثاقا مشددا، اني أفي رغبة في زيادته إياي في نعمي، ورهبة من مسألتي إياي عن حقه وخلفه، فإن غيرت، أو بدلت، كنت للعبر مستأهلا، وللنكال متعرضا، وأعوذ بالله من سخطه، وأرغب إليه في المعونة على طاعته، وأن يحول بيني وبين معصيته.
ولما بلغ محمدا قتل علي بن عيسى بن ماهان، وانهزام عسكره، ومصيرهم إلى حلوان، وخلع أهل خراسان له، واجتماع كلمتهم على المأمون، وأن طاهرا قد قوي بما صار في يده من الأموال والسلاح والكراع، وكتب إليه المأمون ألا يعرج دون بغداد، وأن يقصدها، وجه عبد الرحمن بن جبلة إليه وأمره أن يضم إليه من بحلوان من القواد والجند الذين كانوا مع علي بن عيسى، فلقي طاهرا بهمذان في ذي القعدة سنة 195، فقتله طاهر، واستباح كل ما في عسكره، فوجه محمد عبد الله بن حميد بن قحطبة الطائي فرجع من حلوان.
ووثب بالشأم رجل يقال له علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية