أما بعد، فإن المخلوع، وإن كان قسيم أمير المؤمنين في النسب واللحمة، فقد فرق حكم الكتاب بينه وبينه في الولاية والحرمة لمفارقته عصمة الدين، وخروجه من الامر الجامع للمسلمين. يقول الله عز وجل، فيما قص علينا من نبأ نوح: يا نوح، إنه ليس من أهلك، إنه عمل غير صالح، ولا طاعة لاحد في معصية الله، ولا قطيعة، إذا ما كانت القطيعة في ذات الله. وكتابي هذا إلى أمير المؤمنين، وقد قتل الله المخلوع، وأسلمه بغدره ونكثه، وأحصد لأمير المؤمنين أمره، وأنجز له ما كان ينتظره من سابق وعده، والحمد لله الراجع إلى أمير المؤمنين حقه، الكائد له فيمن خان عهده ونقض عقده، حتى رد به الألفة بعد فرقتها، وجمع به الأمة بعد شتاتها، فأحيا به أعلام الدين بعد دثور سرائرها.
ثم كتب كتابا بالفتح يشرح فيه خبره منذ يوم شخص من خراسان، وما عمل في بلد بلد ويوم يوم، جعلناه في كتاب مفرد.
وكانت خلافته منذ يوم توفي الرشيد إلى أن قتل أربع سنين وسبعة أشهر وواحدا وعشرين يوما، ومنذ مات هارون إلى أن خلع ثلاث سنين، وكانت سنه يوم قتل سبعا وعشرين سنة وثلاثة أشهر، وقيل ثمانيا وعشرين سنة، وخلف من الولد الذكور اثنين: موسى وعبد الله، وكان الغالب عليه إسماعيل ابن صبيح الحراني، والفضل بن الربيع، وعلى شرطه محمد بن المسيب، ثم عزله وولاه أرمينية، وصير مكانه محمد بن حمزة بن مالك، ثم عزله وصير مكانه عبد الله بن خازم التميمي، وكان على حرسه عصمة بن أبي عصمة، وحجابته إلى الفضل بن الربيع يقوم بها ولد الفضل.
وأقام الحج للناس في ولايته سنة 193 داود بن عيسى بن موسى، سنة 194 علي بن هارون الرشيد، سنة 195 داود بن عيسى، سنة 196 العباس بن موسى ابن عيسى، وهو على مكة، سنة 197 العباس، وغزا بالناس في سنة 194 الحسن بن مصعب من قبل ثابت بن نصر، سنة 195 ثابت بن نصر الخزاعي، سنة 196 ثابت بن نصر، سنة 197 ثابت بن نصر.