المسجد لم تكن متوسطة، فهدم حيطان المسجد الحرام، وزاد فيه زيادات، واشترى من الناس دورهم ومنازلهم، وأحضر الصناع والمهندسين من كل بلد، وكتب إلى واضح مولاه وعامله على مصر في حمل الأموال إلى مكة، واتخاذ الآلات، وما يحتاج إليه من الذهب والفسيفساء وسلاسل القناديل، والخروج بها حتى يسلمها إلى يقطين بن موسى ومحمد بن عبد الرحمن، وصير الكعبة في الموسط، وزاد مما يلي الكعبة إلى باب الصفا تسعين ذراعا، ومن الكعبة إلى باب بني شيبة ستين ذراعا، وصير ذرعه مكسرا مائة ألف ذراع وعشرين ألف ذراع، وطول المسجد من باب بني جمح إلى باب بني هاشم إلى العلم الأخضر أربعمائة ذراع وأربع أذرع، وفيه من الأساطين، مما حمل في البحر من مصر، أربعمائة وأربع وثمانون أسطوانة، طول كل أسطوانة عشر أذرع، وصير فيه أربع مائة طاق، وثمانية وتسعين طاقا، وجعل في المسجد الأبواب ثلاثة وعشرين بابا، فكان المهدي آخر من زاد في المسجد الحرام وبنى العلمين اللذين يسعى بينهما وبين الصفا والمروة، وبينهما من الذرع مائة واثنتا عشرة ذراعا، فصار بين الصفا والمروة، لما أخرج المسجد إلى الموضع الذي هو فيه الساعة، سبعمائة وأربع وخمسون ذراعا، ووسع المسجد الذي لرسول الله، وزاد فيه مثل ما كان عليه، وحمل إليه عمد الرخام والفسيفساء والذهب، ورفع سقفه وألبس خارج القبر الرخام.
وبنى الثغر المعروف بالحدث سنة 163، وكان فيه دفع للعدو وتسديد، وذلك أن الروم أغاروا على مرعش، فسبوا وقتلوا خلقا، فلما بنى المهدي الحدث عظم ارتفاق أهل الثغور به، وأغزى هارون ابنه في هذه السنة، ومعه جماعة من القواد والجند، وخرج يشيعه إلى جيحان، ففتح هارون في تلك الغزاة سمالو وعدة حصون، ثم أغزاه سنة 164 فبلغ إلى القسطنطينية، فطلب منه الروم الصلح، فصالحهم وانصرف.
وعزل عقبة بن سلم الهنائي عن اليمامة والبحرين لما بلغه من قتله ما قتل من ربيعة، وقال: لا يراني الله أبوء بإثمه، ولا أرضى فعله. فلما قدم عقبة بن