درهم، فقال له عيسى بن علي: إن في أعناقنا بيعة له، وقد كان هذا الرجل ولي عهد أبيه، وأنت أعلم، وقد كان وهب لكاتبي جوهرا قيمته ثلاثون ألفا.
وكان سبب الجوهر الذي ذكره عيسى أن امرأة عبد الله بن مروان، وهي أم يزيد، قدمت الكوفة رجاء أن تجد من تكلمه في زوجها، وقيل لها: لو كلمت عيسى بن علي، فجاءت إلى كاتبه عباس بن يعقوب، فكلمته ووهبت له جوهرا كان بقي عندها، وسألته أن يكلم عيسى، فيتكلم فيه، فأخذ الجوهر ولم يكلمه، فقال عبد الله بن الربيع الحارثي، لما فعل المهدي ما فعل من رد الأموال، وإطلاق المحبسين، وأمن الخائفين، وصلات المعدمين: سمعت المنصور يقول للمهدي، لما ودعه عند خروجه إلى مكة: إني تركت الناس ثلاثة أصناف: فقيرا لا يرجو إلا غناك، وخائفا لا يرجو إلا أمنك، ومسجونا لا يرجو الفرج إلا منك، فإذا وليت فأذقهم طعم الرفاهية، لا تمدد لهم كل المد.
ودخل الحارث بن عبد الرحمن إلى المهدي، فذكر ما حضر من أمر المنصور ومكر الربيع وقال: لقد رأيت من تدبيره ما لا يهتدي إليه أحد. قال: وما ذاك؟ قال: لما توفي المنصور صير الربيع صالحا أخاك في صدر المجلس، وقدمه على جميع من حضر، فلما دفن قدم ابنك موسى، وقال لأخيك:
كنت أولى بالتقدم لغيبة أخيك المهدي، فلما صار أبوك تحت الأرض، وولي الامر أبو هذا كان أولى بالتقدم منك. فقال المهدي: إن ساس الملك أحد فليسسه مثل الربيع.
وخلع المهدي عيسى بن موسى من ولاية العهد، واشترى ذلك بعشرة آلاف ألف درهم، وبايع لابنه موسى بولاية العهد من بعده، سنة 159، ثم بايع لابنه هارون بولاية العهد بعد موسى.
وحج المهدي سنة 160، فجرد الكعبة وكساها القباطي والخز والديباج، وطلى جدرانها بالمسك والعنبر من أعلاها إلى أسفلها، وكانت الكعبة في جانب