صالحا، فحينئذ ينقطع عنك أهلك، ويحل بك عملك، فترى ما قدمته يداك، وسعت فيه قدماك، ونطق به لسانك، واستركبت عليه جوارحك، ولحظت له عينك، وانطوى عليه غيبك، فتجزى عليه الجزاء الأوفى إن شرا فشرا، وإن خيرا فخيرا، فلتكن تقوى الله من شأنك وطاعته من بالك، استعن بالله على دينك، وتقرب به إلى ربك ونفسك، فخذ منها ولا تجعلها للهوى، ولن تعمل الشر قامعا، فليس أحد أكثر وزرا، ولا أعز إثما، ولا أعظم مصيبة، ولا أجل رزيئة منك لتكاثف ذنوبك، وتضاعف أعمالك، إذ قلدك الله الرعية تحكم فيهم بمثل الذرة، فيقتضون منك أجمعون، وتكافى على أفعال ولاتك الظالمين، فإن الله يقول: إنك ميت، وإنهم ميتون، ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون، فكأني بك وقد أوقفت بين يدي الجبار، وخذلك الأنصار، وأسلمك الأعوان، وطوقت الخطايا، وقرنت بك الذنوب، وحل بك الوجل، وقعد بك الفشل، وكلت حجتك، وقلت حيلتك، وأخذت منك الحقوق، واقتاد منك المخلوق في يوم شديد هوله، عظيم كربه، تشخص فيه الابصار لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم، ولا شفيع يطاع، فما عسيت أن يكون حالك يومئذ، إذا خاصمك الخلق، واستقضى عليك الحق، إذ لا خاصة تنجيك، ولا قرابة تحميك، تطلب فيه التباعة، ولا تقبل فيه الشفاعة، ويعمل فيه بالعدل، ويقضى فيه بالفضل، قال الله:
لا ظلم اليوم، إن الله سريع الحساب. فعليك بالتشمير لدينك والاجتهاد لنفسك، فافكك عنقك، وبادر يومك، واحذر غدك، واتق دنياك، فإنها دنيا غادرة موبقة، ولتصدق لله نيتك، وتعظم إليه فاقتك، وليتسع إنصافك، وينبسط عدلك، ويؤمن ظلمك، وواس بين الرعية في الاحتكام، واطلب بجهدك رضى الرحمن وأهل الدين، فليكونوا أعضادك، وأعط حظ المسلمين من أموالهم، ووفر لهم فيأهم، وتابع أعطياتهم عليهم، وعجل بنفقاتهم إليهم سنة سنة، وشهرا شهرا، وعليك بعمارة البلاد بتخفيف الخراج، واستصلح الناس