خلافة الرشيد.
وتحرك أهل الطالقان، فوجه إليهم عمر بن العلاء، ففتح الطالقان ودنباوند وديلمان، وسبى من الديلم سبايا كثيرة، ثم صار إلى طبرستان، فلم يزل مقيما بها خلافة المنصور.
ووجه المنصور الليث، مولى أمير المؤمنين، إلى فرغانة، وملكها يومئذ فبران بن افرا كفون 1 ومنزله مدينة يقال لها كاشغر، فحاربهم محاربة شديدة، حتى طلب ملك فرغانة الصلح، فصالحهم على مال كثير، وأوفد ملك فرغانة رجلا من أصحابه يقال له باتيجور، فعرض عليه الاسلام، فأبى، فلم يزل محبوسا إلى أيام المهدي، وقال: لا أخون الملك الذي وجهني وبنى أبو جعفر مدينة المصيصة، وكانت حصنا صغيرا، قيل إن عبد الله ابن عبد الملك بن مروان كان بناه، وكانت الروم تطرقهم في كل وقت فتستبيح ذلك الموضع، فبنى عليها السور، وجعل عليها الخندق، وأسكنها المقاتلة، وحمل إليها أهل المحابس، وكان الذي تولى بناءها العباس بن محمد وصالح بن علي.
وأخذ أبو جعفر أموال الناس، حتى ما ترك عند أحد فضلا، وكان مبلغ ما أخذ لهم ثمانمائة ألف ألف درهم، وكان يقول لأهل بيته: إني لأجهل موضعي، حتى أحذر منكم، لأنه ما فيكم إلا عم وأخ وابن عم وابن أخ، فأنا أراعيكم ببصري، وأهتم بكم بنفسي، فالله الله في أنفسكم فصونوا، وفي أموالكم فاحتفظوا بها، وإياكم والاسراف، فيوشك أن تصيروا من ولد ولدي إلى من لا يعرف الرجل حتى يقول له: من أنت؟
وكان يقول: الملوك ثلاثة: فمعاوية وكفاه زيادة، وعبد الملك وكفاه حجاجه، وأنا ولا كافي لي.
وكان يقول: من قل ماله قل رجاله، ومن قل رجاله قوي عليه عدوه، ومن قوي عليه عدوه اتضع ملكه، ومن اتضع ملكه استبيح حماه.