المؤذنون لوقت صلاة العشاء، فخرج إلي رسوله يأمرني بالصلاة بالناس، ففعلت ذلك، ثم أتيت مكاني إلى إدراك الليل، فلما فرغت من قنوتي خرج إلي، ومعه كتاب معنون: من عبد الله ووليه إلى آل رسول الله والأولياء وجميع المسلمين، ثم قال: يا عم! إذا خرجت نفسي فسجني، بثوبي، واكتم موتي حتى يقرأ هذا الكتاب على الناس، فإذا قرئ فخذ ببيعة المسمى فيه، فإذا بايع الناس فخذ في أمري وجهزني، وصل علي، وادفني.
فقلت: يا أمير المؤمنين! فهل وجدت علة؟ فقال: وأية علة أقوى من الخبر الصحيح عن رسول الله؟ والله ما كذبت، ولا كذبت، ولا كذبت، خذ هذا الكتاب، وامض راشدا.
واعتل من ليلته، وتوفي يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة 136، وهو ابن ست وثلاثين سنة، وقيل: لم يبلغ تلك السن، وذلك أنه ولد في سنة 105 في أيام يزيد بن عبد الملك بن مروان، وصلى عليه إسماعيل بن علي، وقيل عيسى بن علي، ودفن في الأنبار في قصره، وكانت ولايته أربع سنين وتسعة أشهر، وخلف ابنا لم يكن بلغ، وابنته ريطة امرأة المهدي التي حرمت على جميع خلفاء بني هاشم، إلا زوجها.
وأقام الحج للناس في أيامه سنة 132 داود بن علي، سنة 133 زياد بن عبيد الله الحارثي، سنة 134 عيسى بن موسى، سنة 135 سليمان بن علي.
وغزا بالناس في أيامه، سنة 133 أقبل طاغية الروم، وهو قسطنطين، حتى أناخ على ملطية، فحصرها، فصولح عنها، وزحف إليه موسى بن كعب التميمي، فلم يكن بينهما لقاء. وكتب أبو العباس إلى عبد الله بن علي يعلمه أن العدو قد كلب بالغفلة عنه، وأمره أن ينفذ بالجيوش التي معه، فيبث جيوشه في نواحي الثغور، وزحف حتى قطع الدرب، ولم يزل يعبي حتى أتاه خبر وفاة أبي العباس، فانصرف.
وكان الفقهاء في أيامه يحيى بن سعيد الأنصاري، ابن أبي طوالة الأنصاري،