البيعة على عبد الله.
وبلغ عبد الله الخبر، وقيل: بعث عيسى بن علي ببيعة المنصور مع أبي غسان يزيد بن زياد، حاجب أبي العباس، فلحقه وقد كان قطع الدرب إلى بلاد الروم، فرجع حتى صار إلى دلوك من أرض جند قنسرين، فأحضر حميد بن قحطبة الطائي وجماعة من القواد الذين كانوا معه، فقال:
ما تشهدون ان أمير المؤمنين أبا العباس قال: من خرج إلى مروان فهو ولي عهدي، فشهدوا له بذلك، وبايعوا، وبايع أكثر أهل الشأم له، وكتب إلى عيسى بن علي وغيره يعلمهم مبايعة من قبله من القواد وأهل الشأم له بصحة عهد أبي العباس إليه، وتوجه يريد العراق، فلما صار إلى حران وافى موسى ابن كعب عاملا بها، فعرفه شهادة من اشهد الله أن أبا العباس جعله ولي عهده، فلما تحصن بها حاصره أربعين يوما، ثم أعطاه الأمان على أن يخرج عنها ويخلي بينه وبينها، وتوجه يريد العراق.
فقدم أبو جعفر الكوفة غرة المحرم، فنزل الحيرة، وصلى بالناس الجمعة، ثم شخص إلى الأنبار، إلى مدينة أبي العباس، فضم إليه أطرافه وخزائن أبي العباس، وبلغه أمر عبد الله بن علي وتوجهه إلى العراق، فقال لأبي مسلم: ليس لعبد الله ابن علي غيري، أو غيرك. فكره أبو مسلم ذلك، وقال: يا أمير المؤمنين!
إن أمر عبد الله بالشأم أقل وأذل، وأمر خراسان أمر يجل خطبه، ثم انصرف أبو مسلم إلى منزله، وقال لكاتبه: ما أنا وهذان الرجلان. ثم قال: ما الرأي إلا أن أمضي إلى خراسان، وأخلي بين هذين الكبشين، فأيهما غلب وكتب إلينا كتبنا إليه: سمعنا وأطعنا، فرأى أنا قد أنعمنا وعملنا له عملا. فقال له كاتبه:
أعيذك بالله من أن تمكن أهل خراسان من الطعن عليك، وأن يروا أنك نقضت أمرا بعد تأكيده. فقال: ويحك! إني نظرت فيمن قتلت بالسيف صبرا سوى من قتل في المعارك، فوجدتهم مائة ألف من الناس، فلا قليل من الله.
فلم يزل به كاتبه حتى أجاب أبا جعفر إلى الخروج، وعسكر في خلق عظيم،