متى بلغ أبا العباس عنه شئ ذكر ذلك لعبد الله، فيقول: يا أمير المؤمنين!
إنا نحميها بكل قذاة يخل ناظرك منها، فيقول: بك أثق، وعلى الله أتوكل.
وكان أبو العباس كريما، حليما، جوادا، وصولا لذوي أرحامه.
حدثني محمد بن علي بن سليمان النوفلي عن جده سليمان قال: دخلنا على أبي العباس جماعة من بني هاشم، فأدنانا حتى أجلسنا معه، ثم قال: يا بني هاشم!
احمدوا الله إذ جعلني فيكم، ولم يجعلني بخيلا، ولا حسودا.
واستأذن أبو مسلم في القدوم، فأذن له، فقدم من خراسان في سنة 136، فلما حضر وقت الحج استأذنه، فأذن له، وحج معه أبو جعفر المنصور، فلما خرجا اشتدت بأبي العباس العلة، فقيل له: صير ولاية عهدك إلى أبي جعفر، فمات في علته بعد نفوذه إلى الحج.
وكان الغالب عليه أبو الجهم بن عطية الباهلي، وكان له سمار وجلساء منهم:
أبو بكر الهذلي، وخالد بن صفوان، وعبد الله بن شبرمة، وجبلة بن عبد الرحمن الكندي، وكان على شرطته عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي، وعلى حرسه أبو بكر بن أسد بن عبد الله الخزاعي، وحاجبه أبو غسان مولاه، وكان قاضيه عبد الرحمن بن أبي ليلى، وابن شبرمة.
ولما اشتدت علته قدم عليه وفدان أحدهما من السند والآخر من إفريقية، فلما بلغه قدومهما قال: أنا ميت بعد ثلاث. قال عيسى بن علي فقلت:
بل يطيل الله بقاءك! فقال: حدثني أخي إبراهيم عن أبي وأبيه عن أبي هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده: أنه يقدم علي في مدينتي هذه في يوم واحد وافدان: أحدهما وافد السند، والآخر وافد أهل إفريقية، فلا يمضي بعد ذلك ثلاثة أيام حتى أغيب في لحدي، ويورث الامر بعدي. ثم نهض وقال: لا ترم مكانك حتى أخرج إليك.
قال: فلم أزل بمكاني حتى سلم المؤذنون في وقت صلاة العصر بالخلافة، فخرج إلي رسوله يأمرني بالصلاة بالناس، فدخلت، فلم يخرج إلى أن سلم