ثم سار حتى صار إلى الجزيرة، فواقع عبد الله بن علي عدة وقائع، وكان حميد بن قحطبة الغالب على أمر عبد الله بن علي، ثم بلغه أن عبد الله يريد قتله، فاحتال حتى صار إلى أبي مسلم، فعظم ذلك على عبد الله بن علي، وخاف أن يفعل بنظرائه من قواد خراسان الذين معه مثل ذلك.
قال السندي بن شاهك: سمعت عبد الصمد بن علي يقول: إني عند عبد الله ابن علي إذ دخل حاجبه، وكان عبد الصمد مع عبد الله بن علي، فقال: رسول أبي مجرم بالباب. فقال: إيذن له! فدخل رجل كريه الوجه، قبيح المنظر، كثير الشعر، طويل اللسان، عظيم الحق، كثير حشو الخفتان، فسلم سلاما عاما، ثم قال: إن الأمير أبا مسلم يقول: علام تقاتلني، وأنت تعلم أنه لا يقاتلك؟
وواقع أبو مسلم عبد الله بن علي بنصيبين، وفرق جمعه، فهرب عبد الله، وأمر أبو مسلم ألا يعترضه أحد، فصار إلى البصرة إلى أخيه سليمان بن علي، وكان عامل البصرة، فلم يزل مختفيا عنده.
وبعث أبو جعفر برسل يحصون ما حصل في يد أبي مسلم من الخزائن والأموال، منهم: إسحاق بن مسلم العقيلي، ويقطين بن موسى، ومحمد بن عمرو النصيبي التغلبي، فغضب أبو مسلم، وقال: أؤتمن على الدماء، ولا أؤتمن على الأموال؟ وشتم يقطين بن موسى، فقال يقطين لما رأى ما داخله عليه: امرأتي طالق ثلاثا إن كان أمير المؤمنين وجهني إليك إلا مهنئا بالفتح، فاستخف بإسحاق بن مسلم، ومحمد بن عمرو، وشتمهما، وتناول أبا جعفر بلسانه، حتى ذكر أمه، وقال: ويلي على ابن سلامة! فانصرف القوم إلى أبي جعفر. فأخبروه الخبر، فزاد ذلك فيما في قلبه عليه، وولى هشام بن عمرو العقيلي مكان أبي مسلم، فانصرف أبو مسلم، وأقبل يريد خراسان مغاضبا لأبي جعفر، فمر بالمدائن، وأبو جعفر نازل برومية، وبينه وبينه فرسخان، فلم يلقه، ونفذ لوجهه حتى جاز حلوان، فأتبعه أبو جعفر بعيسى بن موسى،