يسلم عيينة، ومنعه من الدخول، فأقام بالديبل، وكان معه عقبة بن مسلم، وحاربه عمر بن حفص، وكان أصحاب عيينة يستأمنون إلى عمر، فطلب عيينة الصلح، فصالحه، وأخرجه مع رسله، وبعث به إلى المنصور.
وأقام عمر بن حفص بالمنصورة، ومضى عيينة مع رسله حتى إذا كان في بعض الطريق هرب من الرسل، ومضى يريد سجستان حتى دنا من الرخج، فضربه قوم من اليمانية فقتلوه، وذهبوا برأسه إلى المنصور.
وأقام عمر بن حفص بالسند سنتين، ثم عزله أبو جعفر وولى هشام بن عمرو التغلبي، فصار إلى المنصورة، فأقام بها، ووجه إلى ناحية الهند بجيش، فغنموا وأصابوا رقيقا. وقيل لهشام: إن المنصورة لا تحملك، والملتان بلاد واسعة، ومنها معرى، فسار إليها فاستخلف على المنصورة أخاه بسطام بن عمرو، فلما قرب من الملتان خرج صاحبها إليه في خلق ليرده، والتقيا، فكانت بينهما وقعة عظيمة، ثم انهزم صاحب الملتان، وظفر هشام ونزل المدينة، وسبى سبيا كثيرا، ثم عمل السفن وحملها على نهر السند حتى القندهار ففتحها، وسبى، وهدم البد وبنى موضعه مسجدا، ثم قدم إلى المنصور بما لم يقدم به أحد من السند، فلم يقم بالعراق إلا قليلا حتى مات، فولى المنصور معبد بن الخليل التميمي، فكان محمودا في البلد.
وصار أبو جعفر إلى بغداد سنة 144، فقال: ما رأيت موضعا أصلح لبناء مدينة من هذا الموضع بين دجلة والفرات وشريعة البصرة والأبلة وفارس وما والاها والموصل والجزيرة والشأم ومصر والمغرب ومدرجة الجبل وخراسان، فاختط مدينته المعروفة بمدينة أبي جعفر في الجانب الغربي من دجلة، وجعل لها أربعة أبواب، بابا سماه باب خراسان شرع على دجلة، وبابا سماه باب البصرة شرع على الصراة التي تأخذ من الفرات وتصل إلى دجلة، وبابا سماه باب الكوفة، وبابا سماه باب الشأم، وعلى كل باب من هذه الأبواب مجالس وقباب مذهبة يصعد إليها على الخيل، وجعل عرض السور من سفل سبعين