علو سنة، وأقام بها إلى حين وفاته، ورتب بالمسجد الحديد (1) عند سوق العيد لاقراء الناس وأجرى له على ذلك جراية، وقرأ عليه الناس وأكثر وحدث، وكتبت (2) عنه شيئا يسيرا، وكان عالما بالقراءات ووجوهها وعللها قيما يحفظ أسانيدها وطرقها، وله معرفة جيدة بالنحو، وكان حسن الاخلاق طيب الملقى متواضعا متوددا، لطيف الطبع أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد بن سعيد بن الدباس المقرئ بقراءتي عليه بغداد، أنبأنا أبو الفضل محمد بن محمد بن عبد الكريم بن أبي ربيعة العدل، أنبأنا أبو الفضل محمد بن محمد السوادي، أنبأنا أبو علي أحمد بن محمد بن غيلان المقرئ، أنبأنا أبو الطيب عبد الغفار بن عبيد الله (3) بن السرى الحضيني (4)، أنبأنا القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن حميد التميمي، حدثنا سهل بن محمد عن بشر بن المفضل عن حميد الطويل عن انس بن مالك عن أبي بن (5) كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " جاءني جبريل وميكائيل، فجلس جبريل عن يميني وميكائيل عن شمالي، فقال لي جبريل: لقرأ القرآن على حرف، فقال لي ميكائيل: استزده! فقلت، زدني فقال، اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، فقلت: زدني، فقال على ثلاثة أحرف - حتى بلغ سبعة أحرف، وقال كلها شاف كاف " (6).
أنشدني علي بن أحمد بن الدباس لنفسه:
لهفي على عمري لقد أفنيته * في كل ما أرضي ويسخط مالكي ويلي (7) إذا عنت الوجوه لربها * ودعيت مغلولا بوجه حالك ورقيب (8) اعمالي ينادي شامتا * يا عبد سوء أنت أول هالك لم يبق من بعد الغواية منزل * الا الجحيم وسوء صحبة مالك