لأفلاطون؟ قال له الباجي: انما قرأت أدب النفس لمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم) ومن الأعمال التي كان يحمد عليها وما زال أثناء وجوده بسرقسطة صحبة المقتدر بن هود: حدث أن جاءت رسالة من أحد عمالقة الرهبان الفرنسيين يدعوا فيها هذا الأمير إلى الدخول في الديانة المسيحية والانسلاخ عن العقيدة المحمدية فكتب رسالة على لسانه رد على هذا الراهب الرهيب، وسلك طريق الاعتدال وقرع الحجة بالحجة، وأعاد الداعي مدعوا، وبقي الأمير وإمارته على دين الاسلام.
فبعد كل هذه المواقف الحاسمة، والتطورات المشرقة من هذا الرجل الطيب الصالح المصلح، الذي كرس حياته وجهوده في سبيل الله، ولم يبخل بوقته ذودا عن وطنه وأمته ودينه، ومع هذا وذاك، فلا يخلو الحال من حاقدين وحساد في اي زمان ومكان على النعمة والنقمة معا، فطعنوا فيه من أجل مداخلته للرؤساء، وقد رأينا قبل هذا أنه ما صدر منه ذلك الا ابتغاء مرضاة الله وتوحيد الكلمة أولا، واصلاح ذات البين ثانيا وقالوا عنه: أنه يقبل الصلاة والجوائز والهدايا من الامراء، ولا عيب عندي في ذلك، لأنه كان يقوم باعمال لا يمكن للعامل إن يكون فيها فظا غليظ القلب يحاول الاصلاح، ويجفو عن مخاطبيه برد هداياهم فتذهب دعواه هباء منثورا.
قال تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: (ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك)