قيام، فعلم وعلم صحابته رضوان الله عليهم، وأخبرهم ربهم بذلك قائلا: (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتابة والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) والمراد بالكتاب: القرآن الكريم. والحكمة: السنة النبوية المبينة للقرآن ولمؤيدة والمكملة له، وما لم تكونوا تعلمون: قصص من سلف من الأمم، وقصص ما يأتي من الغيوب، وأمرهم بالاستجابة لما دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) فاستجاب المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا في الله حق جهاده وعايشوا النبي صلى الله عليه وسلم، وتعلموا منه شعائر الدين الاسلامي، من عقائد وفرائض وسنن وحرام وحلال ومباح.
ولما كانت ظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية لا تسمح للأمة بأكملها أن تجتمع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعة واحدة، وتستوعب جميع ما تلقاه الصحابة من فيه، خفف الله عنهم ذلك قائلا: (وما كان المؤمنون لينقروا كافة، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) فتتابع مجئ الوفود والبعثات من القبائل والأمصار لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ ما أخذه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، وفتخرج من حلقات المسجد النبوي الشريف على يد خاتم النبيين وإمام المرسلين أئمة من أعلام الصحابة رضوان الله عليهم.
وأصبح ما تعلموه أمانة في أعناقهم يعلمونه لغيرهم، وليعود الوفود إلى ديارهم وينشروا دين الله وسنة رسوله، وأمر الله سبحانه وتعالى عباده بالتعلم قائلا: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).