المصادر التي استفاد منها الباجي أيما استفادة، واثرها باد في مادته، ووظف نصوصها توظيف العالم الخبير بفنون الحديث سندا ومتنا، تعديلا وتجريحا واستنباطا للأحكام، رحمه الله ورضي عنه وأرضاه.
(1 - 3) - المدخل لعلم الجرح والتعديل:
بوب المدخل إلى عشرة أبواب، سبعة كتمهيد لعلم الجرح والتعديل، واثنين للتعريف بأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وختمه بالعاشر للتعريف بالجامع الصحيح، خصص الأبواب الثلاثة الأولى: للجرح والتعديل، فعرف به في أولها، وبين حكمه شرعا بجوازه في ثانيها، وميز بين ألفاظه في ثالثها، وعقد الرابع للراوي العدل أو المجروح، والخامس لرخصة أخذ الحديث عن الثقة، والسادس للأسانيد المتفق على اطراحها، والسابع للمتفق على صحتها.
ومما يلاحظ أن الأبواب السبعة ممنهجة بتقنية دقيقة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام رئيسية، فالثلاثة الأولى: للجرح والتعديل كما مر، والثلاثة الأخيرة للحديث. وفى تقديمه للأسانيد السقيمة في الباب السادس على الصحيحة في السابع، ترتيب في غاية الدقة، وترك أوسط هذه الأبواب للراوي الذي هو روح الدراسة ومحورها، وتكلمه على المؤلف بعد المدخل وختام المقدمة بالتعريف بالكتاب قبل الشروع في المقصود: ألوان من المنهجية التي تنبئ عن ذكائه وإحساسه المبكر بمنهجية البحث العلمي التي هي الشرط الأساسي الأول والأخير للبحوث الأكاديمية المعاصرة في الربع الأخير من القرن العشرين.
وقد استفاد من كتاب التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح - بصفة عامة، ومن مقدمة بصفة خاصة - جمهرة من جلة العلماء بعده كابن رشيد السبتي التجيبي (721 ه / 1321 م)، وابن تيمية الحراني