تلك المزية العظمى وهي التصريح بنصوص الجرح والتعديل ومعها زيادة تراجم كثيره، وزيادات فوائد في كثير من التراجم بل في أكثرها، وتدارك أوهام وقعت للبخاري وغير ذلك، واما جواب ابن عبدويه الوراق فعلى قدر نفسه لا على قدر ذينك الامامين أبى زرعة وأبى حاتم، والتحقيق ان الباعث لهما على اقعاد عبد الرحمن وأمرهما إياه بما أمراه انما هو الحرص على تسديد ذاك النقص وتكميل ذاك العلم، ولا أدل على ذلك من اسم الكتاب نفسه (كتاب الجرح والتعديل).
حرص ابن أبي حاتم بارشاد ذينك الامامين، على استيعاب نصوص أئمة الفن في الحكم على الرواة بتعديل أو جرح، وقد حصل في يده ابتداء نصوص ثلاثة من الأئمة وهم أبوه وأبو زرعة والبخاري، اما أبوه وأبو زرعة فكان يسائهما في غالب التراجم التي أثبتها في كتابه ويكتب جوابهما، واما نصوص البخاري فإنه استغنى عنها بموافقة أبيه للبخاري في غالب تلك الأحكام، ومعنى ذلك أن ابا حاتم كان يقف على ما حكم به البخاري فيراه صوابا في الغالب فيوافقه عليه فينقل عبد الرحمن كلام أبيه، وكان محمد بن يحيى الذهلي قد كتب إليهم فيما جرى للبخاري في مسألة القرآن على حسب ما تقوله الناس على البخاري كما ذكره ابن أبي حاتم في ترجمة البخاري من كتابه، فكأن هذا هو المانع لابن أبي حاتم من نسبة احكام البخاري إليه. وعلى كل حال فالمقصود حاصل. ثم تتبع ابن أبي حاتم نصوص الأئمة فأخذ عن أبيه ومحمد بن إبراهيم بن شعيب ما روياه عن عمرو بن علي الفلاس مما قاله باجتهاده، ومما يرويه عن عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان