حدث عن غير مالك لم يأته الا النفير، فقال لهم لو أراد أحد أن يعيبكم بأكثر مما تفعلون ما قدر عليه، إذا حدثتكم عن أصحابكم فإنما يأتيني النفير اعرف فيكم الكراهة، وإذا حدثتكم عن مالك امتلأ على الموضع.
فقد بان بلزوم (1) محمد بن الحسن مالكا لحمل (2) العلم عنه وبثه في الناس، رضا منه وموافقة لمن جعله اماما ومختارا.
[التمييز بين الرواة] قال أبو محمد فلما لم نجد سبيلا إلى معرفة شئ من معاني كتاب الله ولا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم الامن جهة النقل والرواية وجب ان نميز بين عدول الناقلة والرواة (3) وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والاتقان منهم، وبين اهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة.
ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة حق علينا معرفتهم ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم، واثبات الذين عرفناهم بشرائط العدالة والثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته، بأن يكونوا امناء في أنفسهم، علماء بدينهم، اهل ورع وتقوى وحفظ للحديث واتقان به وتثبت فيه، وان يكونوا اهل تمييز وتحصيل، لا يشوبهم كثير من الغفلات، ولا تغلب (4) عليهم الأوهام فيما قد حفظوه ووعوه، ولا يشبه عليهم بالأغلوطات.
وان يعزل عنهم الذين جرحهم اهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم (5) وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ وكثرة