إليك الله الذي لا اله الا هو.
اما بعد فاني أوصيك بتقوى الله فان اتقيت الله عز وجل كفاك الناس، وان اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئا، سألت ان اكتب إليك كتابا أصف لك فيه خلا لا تصحب بها اهل زمانك وتؤدي إليهم ما يحق لهم عليك وتسأل الله عز وجل الذي لك، وقد سألت عن امر جسيم، الناظرون فيه اليوم المقيمون (1) به قليل، بل لا أعلم مكان أحد، وكيف يستطاع ذلك؟ وقد كدر هذا الزمان، انه ليشتبه الحق والباطل، ولا ينجو (2) من شره الا من دعا بدعاء الغريق، فهل تعلم مكان أحد هكذا؟ وكان يقال: يوشك ان يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم، فعليك بتقوى الله عز وجل (3) (1 م) والزم العزلة واشتغل بنفسك واستأنس بكتاب الله عز وجل، واحذر الأمراء، وعليك بالفقراء والمساكين والدنو (4) منهم فان استطعت ان تأمر بخير في رفق فان قبل منك حمدت الله عز وجل وان رد عليك أقبلت على نفسك فان لك فيها شغلا، واحذر المنزلة وحبها فان الزهد فيها أشد من الزهد في الدنيا. وبلغني ان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يتعوذون أن يدركوا (5) هذا الزمان وكان [لهم] من العلم ما ليس لنا، فكيف بنا حين أدركنا على قلة علم وبصر وقلة صبر وقلة أعوان على الخير مع كدر من الزمان وفساد من الناس. وعليك بالأمر الأول والتمسك به وعليك بالخمول فان هذا زمان خمول وعليك بالعزلة وقلة مخالطة