وكان العلماء والمحدثون من أصحاب مالك وغيرهم من أشد الناس عداء لأقوال المعتزلة وأفكارهم، ومع ذلك فقد اتخذ أحد الامراء الأغالبة القول بخلق القرآن دينا رسميا وخطب به بالقيروان، وأخذ الناس بالمحنة بالقرآن. وإذا كان القاضي ابن أبي دؤاد ينكل بالمحدثين وأئمة الدين أشد التنكيل، ويكرههم على الاعتراف بخلق القران في بغداد، فقد كان القاضي ابن أبي الجواد يلغب بالدور نفسه في قيروان وغيرها.
قال القاضي عياض:
" ولما ولى أحمد بن لا لأغلب الامارة وأخذ الناس بالمحنة بالقرآن توجه سحنون إلى عبد الرحيم الزاهد... ".
ثم ذكر قصة اختفاء سحنون وإحضاره عندد الأمير ويحكى ما جرى عند الأمير بقوله: " فلما وصل إلى الأمير جمع له قواده وقاضيه ابن أبي الجواد وغيره وسأله عن القرآن فقال سحنون: أما شئ أبتديه من نفسي فلا. ولكني سمعت من تعلمت منه وأخذت عنه كلهم يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق ".
فقال ابن أبي الجواد: كفر، فاقتله ودمه في عنقي.
وقال مثله غيره ممن يرى رأيه.
وقال بعضهم: يقطع أربعا ويجعل كل ربع بموضع بالمدينة ويقال هذا جزاء من لم يقل بكذا. انتهى.