ولم ينج سحنون من هذه العقوبة إلا برأي من بعض من كان يتعاطف معه من رجال الأمير فاخذ عليه الضمان ونودي بالقيروان أن لا يفتى ولا يسمع أحدا ويلزم داره.
إلا أن الأيام سرعان ما انقلبت فعزل القاضي ابن أبي الجواد وتولى القضاء سحنون. وكان ذلك في سنة 234 ه. وحدث أن أخذ القاضي ابن أبي الجواد في قضية وسجن وضرب ومات وهو مسجون.
ولما توفى سحنون صلى عليه الأمير محمد بن الأغلب ووجه إليه بكفن وحنوط، فاحتال ابنه محمد حتى كفن في غيره وتصدق بذلك. ومع ذلك:
" استعفى رجال ابن الأغلب من الصلاة عليه وقالوا: قد علمت ما بيننا وبينه وأنه يكفرنا ونكفره - لان أكثرهم كانوا معتزلة - وإنما خرجنا طاعة لك، فان صلينا عليه رأى الناس أنا رضينا حاله. فأعفاهم فتقدم وصلى في عبيده وعامة أهل السنة وجماعة المسلمين ".
والغالب أن هذه الفتن وقعت والامام العجلي في طرابلس، ولابد أنه ظل يراقب ويتأثر بهذه الحوادث، إلا أن الفتنة قد رفعت أيام المتوكل في سنة حدث في الأغالبة بعد تغير اتجاه الدولة العباسية والخليفة في بغداد. ويضاف إلى ذلك ما كان يتمتع به سحنون وأصحابه من نفوذ شعبي قوى في بلاد أفريقية.
وبالإضافة إلى المناقشات الفكرية التي كانت تتم بين المعتزلة وأهل السنة، كانت هناك مدرستان فكريتان بين أهل السنة أنفسهم في بلاد المغرب العربي وأفريقية.
كما وصفهما فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر: