المقدمة
رغم الحملات المسعورة التي شنها الحكام الجائرون والظلمة العتاة، ضد أهل بيت عصمهم الله من الزلل. وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، مستهدفين إطفاء تلك الأنوار الإلهية والقبسات الربانية، ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون.
ورغم التشريد والملاحقة التي واجهت الرسالين المؤمنين بربهم، الملتزمين بعقيدتهم، الأوفياء لمبادئهم، فقد كانوا كالبنيان المرصوص. لم تهزهم تلك الرياح الهوجاء والعواصف العاتية.
بيد أن للباطل جولة وللحق دولة، فأتعب المخلصون أنفسهم، وبذلوا الغالي والرخيص لحفظ ذلك التراث الإسلامي العظيم، الموروث من أهل بيت العصمة والطهارة، خوفا عليه من الدس والاندراس والتلف والضياع.
يحدثنا التاريخ عن أخت محمد بن أبي عمير، وعن كيفية دفن الكتب التي كانت عنده خوفا من السلطة الحاكمة التي اعتقلته، وما آلت إليه تلك الآثار الثمينة من التلف، وكيف أصبحت مراسيل ابن أبي عمير كالمسانيد، جزاء لذلك الإخلاص والتفاني في
سبيل الحق والمبدأ.
هل ينسى التاريخ الهجوم الوحشي الكاسر، الذي شنه طغرل بك السلجوقي على دار شيخ الطائفة في بغداد لإحراق كتبه، ورمي القسم الآخر منه في الماء، وإحراق كرسي كان يجلس عليه عند إلقاء دروسه، هذا الكرسي الذي هو اعتراف من خليفة بغداد، بأعلمية الشيخ الطوسي في عاصمة الإمبراطورية الواسعة.
كم وكم قاسى الشهيدان الأول والثاني، وغيرهما من أعلام الطائفة، من جهلة عصرهم وطواغيت زمانهم.
فكان أن تلف القسم الكثير من ذلك الموروث الحضاري العظيم، وسرق القسم الأوفر مما تبقى منه وسلم من عوادي الزمان، ليستقر في خزانات المتاحف البريطانية