الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٣ - الصفحة ٢٧٥
الانتساب إلى مؤلفه، كما يستفاد من الروايات المعتبرة (1) - وثانيا -: إن هذه الكلية المنقولة عنه مخالفة لما هو معلوم بالضرورة: من روايته عن الأئمة
(١) الوجادة - بكسر الواو - وهي مصدر وجد يجد، مولد من غير العرب غير مسموع من العرب الموثوق بعربيتهم، وإنما ولده العلماء بلفظ الوجادة لما أخذ من العلم من صحيفة، من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة، قال ذلك الشهيد الثاني - رحمه الله - في كتاب (دراية الحديث) ص ١٠٧، طبع النجف الأشرف سنة ١٣٧٩ ه، ثم قال: (وهذا النوع من أخذ الحديث ونقله أن يجد انسان كتابا أو حديثا مروي انسان بخطه معاصر له، أو غير معاصر، ولم يسمعه منه هذا الواجد ولا له منه إجازة ولا نحوها، فيقول: وجدت، أو أقرأت بخط فلان، أو في كتاب فلان بخطه: حدثنا فلان، ويسوق باقي الاسناد. أو يقول: وجدت بخط فلان عن فلان (الخ) هذا الذي استقر عليه العمل قديما وحديثا... هذا كله إذا وثق بأنه خط المذكور أو كتابه).
وفي جواز العمل بالوجادة الموثوق بها قولان للمحدثين والأصولين. وحجة المجوزين: بأنه لو توقف العمل بها على الرواية لانسد باب العلم بالمنقول لتعذر شرط الرواية بها، غالبا، وبعموم حجية الخبر السالم عن المعارض، فان عمدة دليل حجيته - وهو بناء العقلاء على العمل بالخبر الموثوق به - جار في الخبر الكتبي كجريه في اللفظي، فانا نرى العقلاء متسالمين على اعتبار النقوش والكتابة والاعتماد عليها مع الوثوق بها والأمن من عروض التغيير والتزوير عليها من دون تأمل من أحد ولا مناقشة أصلا، وعلى هذا جرت السيرة في عصر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة - عليهم السلام - مع اطلاعهم على ذلك، واقرارهم، بل وفعلهم هم في أنفسهم، وجريهم - عليهم السلام - على ذلك، فترى الامام - عليه السلام - يكتب إليه الراوي بما يريد، ويكتب إليه الامام - عليه السلام - بجوابه.
هذا مضافا إلى الأحاديث الكثيرة الدالة على أمر الأئمة - عليهم السلام - أصحابهم بكتابة ما يسمعونه منهم وتأليفه وجمعه قائلين: إنه سيأتي على الناس زمان لا يأنسون إلا بكتبهم، بل وأمروا بالعمل بتلك الكتب، كما في الخبر الذي رواه الشيخ الطوسي - رحمه الله - في كتاب الغيبة (ص ٢٣٩) طبع النجف الأشرف، عن عبد الله الكوفي خادم الشيخ أبى القاسم الحسين بن روح - رضي الله عنه - وفيه - بعد ما سئل الشيخ عن كتب الشلمغاني -: (أقول فيها ما قال أبو محمد الحسن بن علي - عليه السلام - وقد سئل عن كتب بني فضال، فقالوا: ما نصنع بكتبهم وبيوتنا منها ملاء؟ قال: خذوا ما رووا وذروا ما رأوا).
وما رواه الكليني - رحمه الله - في الكافي (ج ١ ص ٥٣) من كتاب فضل العلم - باب رواية الكتب والحديث - الحديث (١٥) طبع طهران سنة ١٣٨١ ه، قال: (عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد - شينولة - قال: قلت لابي جعفر الثاني - عليه السلام -: جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله - عليهما السلام - وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم ترو عنهم، فلما ماتوا صارت الكتب الينا، فقال: حدثوا بها فإنها حق) وأما حجة المانعين من العمل بالوجادة فعديدة، راجعها في كتاب (مقباس الهداية) في دراية الحديث للمغفور له الحجة الفقيه المامقاني، والملحق بآخر الجزء الثالث من (تنقيح المقال) في الرجال (ص 102، ص 203) طبع النجف الأشرف فقد ذكرها وأجاب عنها، ورجح أخيرا العمل بالوجادة الموثوق بها، وانظر أيضا: (دراية الحديث) للشهيد الثاني - رحمه الله - (ص 109) طبع النجف الأشرف، وباقي كتب الدراية.