الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٣ - الصفحة ٢٧٧
وثالثا - بأن الكلام المنقول عن أيوب بن نوح - رحمه الله - هنا متدافع، فان حمدويه بن نصير حكى عنه أنه دفع إليه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان، وقال: إذا شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، فإني كتبت عن محمد بن سنان ولكن لا أروي لكم عنه شيئا. وعلل الامتناع بما حكاه عنه. والتدافع في ذلك ظاهر، فان دفع الدفتر الذي أخرجه إلى حمدويه، وقوله: (إذا شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا) صريح في الرخصة. وقول حمدويه في روايته الأخرى -: (كتبت أحاديث محمد ابن سنان عن أيوب بن نوح) (1) واضح الدلالة على روايته له أحاديث ابن سنان، فلو كانت الرواية عنه محرمة غير جائزة كما ذكره لم يستقم ذلك.
وظني أن الرجل قد أصابته آفة الشهرة، فغمز عليه بعض من عانده وعاداه بالأسباب القادحة من الغلو والكذب، ونحوهما، حتى شاع ذلك بين الناس واشتهر ولم يستطع الأعاظم الذين رووا عنه كالفضل بن شاذان وأيوب بن نوح وغيرهما دفع ذلك عنه فحاولوا بما قالوا رفع الشنعة عن أنفسهم، كما يشهد به صدور هذه الكلمات المتدافعة عنهم، ثم سرى ذلك إلى المتأخرين الذين هم أئمة الفن، مثل الكشي والنجاشي والمفيد والشيخ وابن شهرا شوب والسيدين الجليلين ابني طاووس والعلامة وابن داود وغيرهم، فضعفته طائفة، ووثقته أخرى، واضطرب آخرون، فاختلف كلمتهم فيه، كما علمت ذلك مما نقلناه عنهم مفصلا، وفي أقل من هذا الاختلاف والاضطراب ما يمنع التعويل والاعتماد على ما قالوه (2)

(1) أنظر: الرواية الأولى في رجال الكشي (ص 427) والرواية الثانية (ص 332).
(2) وللسيد رضي الدين بن طاووس - رحمه الله - كلام في محمد - هذا - وأشباهه (محصله) إن جلالة قدرهم وشدة اختصاصهم بأهل العصمة - سلام الله عليهم - هو الذي أوجب انحطاط منزلتهم عند الشيعة، لأنهم - عليهم السلام - لشدة اختصاصهم بهم أطلعوهم على الاسرار المصونة عن الأغيار، وخاطبوهم بما لا يحتمله أكثر الشيعة، فنسبوا إلى الغلو، وارتفاع القول وما شاكلهما) هكذا ذكر الشيخ أبو علي الحائري في كتاب رجاله (منتهى المقال) في ترجمة محمد بن سنان
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست