إليهم أبدا، ويخرج من رأس ماله إن مات، وهكذا في كل شئ، وبالله تعالى التوفيق.
وشغب بعضهم بأن العامي إذا اختلف عليه الفقهاء فإنه مخير في أقوالهم.
قال أبو محمد: وهذا خطأ، ولسنا نقول به، وقد بينا هذه المسألة في باب التقليد من كتابنا هذا، فأغنى عن إعادته، وموه بعضهم بأن قال: الميتة عين واحدة وهي حلال للمضطر حرام على غير المضطر.
قال أبو محمد: وهذا عين الشغب والتمويه، لأننا لم ندفع نحن اختلاف حكم العين الواحدة على إنسانين متغايرين، أو في وقتين مختلفين، بل هذا لازم في كل عين، فمال زيد حلال لزيد حرام على عمرو، والاكل في شوال حلال للبالغين العقلاء وحرام عليهم في رمضان، وهكذا جميع الشرائع أولها عن آخرها. وهكذا كل أحد مرة تلزمه الصلاة إذا دخل وقتها، ومرة تحرم عليه قبل دخول وقتها، ومرة يحرم دم زيد، ومرة يحل، وإنما أنكرنا أن تكون الميتة حلالا لزيد حراما عليه في وقت واحد، وأن يكون البيع تاما قبل التفرق بالأبدان، غير تام قبل التفرق بالأبدان، والقصاص من القاتل واجبا حراما في وقت واحد، فمثل هذا الجنون أنكرنا لأنه لا يصدقه ذو عقل، ولا من به طباخ، ولأنه شئ لا يقدر عليه أحد، لأنه يؤدي إلى الوسواس، وإلى أن يقال لزيد: إن فعلت هذا الفعل فأنت مأجور عليه وفي الجنة، وأنت آثم عليه وفي النار وفي وقت واحد، ولا سبيل إلى أن يكون أحد في النار وفي الجنة في وقت واحد، ولا أن يكون بفعل واحد عاصيا لله عز وجل بذلك الفعل مطيعا له في وقت واحد. فهذا الوسواس أبطلنا لا غيره مما يعقل، وقال بعضهم: لو كنا مكلفين إصابة الحق لكان تعالى قد نصب عليه دليلا من أصابه علم أنه أصابه، ومن أخطأه علم أنه أخطأه.
قال أبو محمد: والجواب عن هذا: أن أوائل مذاهبنا كلها نحن نقول فيها بذلك، وأصل مذهبنا أن الاخذ بظاهر القرآن والحديث الصحيح حق، ونحن على يقين من أننا مصيبون في ذلك، وفي كل قول أدانا إليه أخذنا بظاهر القرآن والحديث الصحيح، وأن من خالفنا مخطئ عند الله عز وجل، ونحن على يقين من ذلك، لا نشك